Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 45-47)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَسَكَنتُمْ } يعني : نزلتم { فِى مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } يعني منازل قوم عاد وثمود { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } يقول : كيف عاقبناهم عند التكذيب { وَضَرَبْنَا لَكُمُ ٱلأَمْثَالَ } يقول : بينا ووصفنا لكم عصيانهم وجحودهم والعذاب الذي نزل بهم - يعني إنكم سمعتم هذا كله في الدنيا فلم تعتبروا فلو رجعتم بعد هذا اليوم لا تنفعكم الموعظة أيضاً . ثم قال تعالى : { وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ } يعني : صنعوا صنيعهم يعني : الأمم الخالية { وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ } يعني : علم الله مكرهم ولا يخفي عليه . قال علي بن أبي طالب : وعند الله مكرهم التابوت والنسور وهو نمرود بن كنعان وقومه . وروى وكيع بإسناده عن عليّ رضي الله عنه قال : إن جباراً من الجبابرة قال لا أنتهي حتى أعلم ما في السماء فاتخذ أفراخ نسور . ثم أمر بها فأطعمت اللحم حتى اشتدت وغلظت واستفحلت فاتخذ تابوتاً يسع فيه رجلان . ثم أمر بالنسور فجوعت ثم ربط أرجلها بالأوتاد وشدت بقوائم التابوت وجعل في وسط التابوت اللحم . ثم جلس في التابوت هو ورجل معه ثم أرسل النسور وجعل اللحم على رأس خشبة على التابوت فطارت النسور إلى السماء ما شاء الله . ثم قال لصاحبه انظر ماذا ترى ؟ فنظر فقال أرى الجبال كأنها الدخان ثم سار ما شاء الله ثم قال انظر فنظر فقال : ما أرى إلا السماء وما نزداد منها إلا بعداً . قال : نكس الخشبة فانقضت النسور حتى سقطت إلى الأرض فسمع هزة الجبال فكادت الجبال أن تزول من أماكنها ثم قرأ عليّ رضي الله عنه { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } أي وقد كان مكرهم ليزيل الجبال عن أماكنها ويقال إن نمرود بن كنعان هو أول من تجبر وقهر وسن سنن السوء . وأول من لبس التاج فأهلكه الله تعالى ببعوضة في خياشمه فعذب بها أربعين يوماً ثم مات . وقال قتادة وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال يعني الكفار ادعوا لله تعالى ولداً فكاد أن يزول الجبال . ويقال يعني أهل مكة مكروا في دار الندوة وقد كاد مكرهم أن يزول منهم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر دين الإسلام . إذ ثبوته كثبوت الجبال . لأن الله تعالى وعد لنبيه - صلى الله عليه وسلم - إظهار دين الإسلام . بدليل ما قال بعد هذا { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } قرأ الكسائي " لَتَزُولُ " بنصب اللام الأُولى ورفع الثاني وقرأ الباقون بكسر الأُولى ونصب الثانية " لِتَزُولَ " ومعناه ما كان مكرهم ليزول به أمر دين الإسلام إذ ثبوته كثبوت الجبال ومن قرأ " لَيَزُولُ " فمعناه وإن كان مكر الكفار ليبلغ إلى إزالة الجبال . فإن الله ينصر دينه . وروي عن ابن مسعود أن قرأ " وإنْ كَاد مَكْرُهُمْ " . قوله تعالى : { فَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } يعني : في نزول العذاب بكفار مكة إن شاء عجل لهم العقوبة في الدنيا . { إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ ذُو ٱنتِقَامٍ } ذو النقم من الكفار .