Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 72-79)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي : بحياتك يا محمد إنهم لفي جهالتهم وضلالتهم يعمهون أي : يترددون ويتجبرون ، يعني : إن أهل مكة يسمعون هذه العجائب ولا تنفعهم وهم على جهلهم مصرون . قال : حدثنا الخليل بن أحمد قال : حدثنا ابن معاذ قال : حدثنا عبد العزيز بن أبان عن سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس أنه قال : ما خلق الله نفساً أكرم على الله من محمد - صلى الله عليه وسلم - وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره فقال { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } . ثم رجع إلى قصة قوم لوط فقال تعالى : { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } أي : أخذتهم صيحة جبريل { مُشْرِقِينَ } يعني : عند طلوع الشمس وذلك أن جبريل قلع الأرض وقت الصبح ( فرفعها مع الملائكة إلى قريب من السماء ثم قلبها وأهواها إلى الأرض وصاح بهم وقت طلوع الشمس ) فذلك قوله { فَجَعَلْنَا عَـٰلِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ } وقد ذكرناها { إِنَّ فِى ذَلِكَ } أي : في هلاك قوم لوط { لآَيَاتٍ } أي : علامات { لِلْمُتَوَسّمِينَ } يقول : للمتفكرين . وقال قتادة : للمعتبرين . وقال الضحاك : للناظرين وقال مجاهد : للمفترسين . قال الفقيه : حدثنا الخليل بن أحمد قال : حدثنا أبو يعقوب قال : حدثنا عمار بن الربيع الباهلي عن أبي صالح بن محمد عن محمد وهو ابن مروان عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَـٰتٍ لِلْمُتَوَسّمِينَ } . وقال الزجاج : حقيقته في اللغة النظار المثبتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سمة الشيء ، يقال : توسمت في فلان كذا وكذا . أي عرفت ذلك فيه . ثم قال { وَإِنَّهَا } أي قريات لوط { لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } أي : بطريق واضح بين يرونها حين مروا بها . { إِنَّ فِى ذَلِكَ } أي : في هلاك قوم لوط { لآيَةً } أي : لعلامة وعبرة { لِلْمُؤْمِنِينَ وَإِن كَانَ } يقول : وقد كان { أَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ } أي : أصحاب الغيضة ، والغيضة والأيكة الشجرة . وهم قوم شعيب . قال قتادة : مدين وإلى أصحاب الأيكة ، وقال بعضهم : آل مدين والأيكة واحد . لأن الأيكة كانت عند مدين وهذا أصح . { لَظَـٰلِمِينَ } أي : لكافرين قوله : { فَٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بالعذاب { وَإِنَّهُمَا } أي : قريات لوط وشعيب { لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } أي : لبطريق واضح . وقال القتبي : أصل الإمام ما يؤتم به . قال الله تعالى : { إِنّى جَـٰعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا } أي يؤتم ويقتدى بك ، ثم تستعمل لمعاني منها الكتاب إماماً لأنه يؤتم بما أحصاه الكتاب قال الله تعالى : { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَـٰمِهِمْ } [ الإسراء : 71 ] أي بكتابهم وقال تعالى { وَكُلَّ شىْءٍ أَحْصَيْنَـٰهُ فِىۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ } [ يس : 12 ] أي : في اللوح المحفوظ وهو الكتاب ، وسمي الطريق إماماً لأن المسافر يأتم به ويستدل به قال الله تعالى : { وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ } أي بطريق واضح أي : قريات قوم لوط وقرية شعيب عليهما السلام .