Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 104-107)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ } أي : القرآن { لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ } أي : لا يوفقهم الله ولا يكرمهم لقلة رغبتهم في الإيمان ، ويقال : لا ينجيهم في الآخرة من النار { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } في الآخرة . ثم قال : { إِنَّمَا يَفْتَرِى ٱلْكَذِبَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ } قال الزجاج : معناه إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون إذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلاَّ الله كذبوا بها وهؤلاء أكذب الكذبة . قوله : { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَـٰنِهِ } فعليهم غضب من الله ، على معنى التقديم . ثم استثنى فقال : { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ } أي : أكره على الكفر وتكلم بالكفر مكرهاً { وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَـٰنِ } أي : قلبه معتقد عليه ، وهو عمار بن ياسر وأصحابه . وذلك أن ناساً من أهل مكة آمنوا فخرجوا مهاجرين فأدركتهم قريش بالطريق فعذبوهم فكفروا مكروهين فنزلت هذه الآية فيهم وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله ، وروي عن قتادة أنه قال : ذكر لنا أن عمار بن ياسر أخذه بنو المغيرة فطرحوه في بئر ميمونة حتى أمسى ، فقالوا له اكفر بمحمد ، وأشرك بالله فبايعهم على ذلك وقلبه كاره فنزلت الآية ، وذكر " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى عمار بن ياسر وهو يبكي فجعل يمسح الدموع من عينيه ويقول : أخذني الكفار ولم يتركوني حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير . فقال « كيف وجدت قلبك ؟ » قال مطمئن بالإيمان فقال إن عادوا فعد " وقال مقاتل : أسلم جبر مولى ابن الحضرمي فأخذه مولاه وعذبه حتى رجع إلى اليهودية ثم رجع إلى هؤلاء النفر فنزلت الآية { إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِٱلإِيمَـٰنِ } ثم بين حال الذين ثبتوا على الكفر فقال : { وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } أي فتح صدره بالقبول ، يعني : قبل الكفر طائعاً وهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح ارتد ولحق بمكة { فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } أي : شديد في الآخرة { ذٰلِكَ } العذاب { بِأَنَّهُمُ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْحَيَاةَ ٱلْدُّنْيَا } أي : اختاروا الدنيا { عَلَىٰ ٱلأَخِرَةِ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى } أي : لا يرشد إلى دينه { ٱلْقَوْمَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي : لا يرشدهم إلى دينه .