Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 10-17)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { هُوَ ٱلَّذِى أَنْزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَآءً } أي : المطر { لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ } وهو ما يستقر في الأرض من الغدران وتشربون منه وتسقون أنعامكم { وَمِنْهُ شَجَرٌ } أي : ومن الماء ما ينتشر في الأرض فينبت منه الشجر والنبات { فِيهِ تُسِيمُونَ } أي : ترعون أنعامكم . قوله { يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ ٱلزَّرْعَ وَٱلزَّيْتُونَ } أي : يخرج لكم بالمطر الزرع والزيتون { وَٱلنَّخِيلَ وَٱلأَعْنَـٰبَ } أي : الكروم { وَمِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } أي : من ألوان الثمرات . قرأ عاصم في رواية أبي بكر " تُنْبِتْ لَكُمْ " بالنون وقرأ الباقون بالياء ومعناهما واحد . ثم قال { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } يعني فيما ذكر من نزول المطر وخروج النبات لعبرة { لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } في إنشائه . ثم قال : { وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ وَٱلْنَّهَارَ } أي : ذلل لكم الليل والنهار لمعايشكم { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } أي : خلق الشمس والقمر { وَٱلنُّجُومُ مُسَخَّرٰتٌ } بأمره أي : مذللات { بِأَمْرِهِ } أي بإذنه { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآَيَاتٍ } أي : لعبرات { لّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } أي : لمن له ذهن الإنسانية . ثم قال عز وجل : { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِى ٱلأَرْضِ } أي : وما خلق لكم في الأرض من الدواب والأشجار والثمار { مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } أي : في اختلاف ألوانها لعبرة { لِقَوْمٍ يَتَذَكَّرُونَ } أي : يتعظون قرأ ابن عامر " والشَّمْسُ والْقَمَرُ والنُّجُوم " كلها بالرفع على معنى الابتداء . وقرأ عاصم في رواية حفص " والشَّمْسَ والْقَمَرَ " بالنصب على معنى البناء أي : سخر لكم الشمس والقمر ثم ابتدأ فقال " والنُّجُومُ " بالضم على معنى الابتداء وقرأ الباقون الثلاثة كلها بالنصب ويكون بمعنى المفعول ثم قال : { وَهُوَ ٱلَّذِى سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ } أي : ذلل لكم البحر ويقال : ذلل لكم ما في البحر { لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ } أي : من البحر { لَحْمًا طَرِيّاً } أي : السمك الطري { وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ } يعني : من البحر { حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } يعني : لؤلؤاً تتزينون بها ، يعني : زينة للنساء { وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ } أي : مقبلة ومدبرة فيه ويقال : تذهب وتجيء بريح واحدة . وقال عكرمة يعني : السفينة حين تشق الماء . يقال مخرت السفينة إذا جرت لأنها إذا جرت تشق الماء . { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } أي : لكي تطلبوا من رزقه حين تركبون السفينة للتجارة { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي : لكي تشكروا الله فيما صنع لكم من النعمة . ثم قال : { وَأَلْقَىٰ فِى ٱلأَرْضِ رَوَاسِىَ } يعني : الجبال الثوابت { أَن تَمِيدَ بِكُمْ } يعني : لكيلا تميد بكم وقد يحذف " لا " ويراد إثباته كما قال ها هنا { أَن تَمِيدَ بِكُمْ } أي لا تميل بأهلها . وروى معمر عن قتادة أنه قال : لما خلقت الأرض كادت تميد فقالت الملائكة ما هذه بمقرة على ظهرها أحداً فأصبحوا وقد خلقت الجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت الجبال . وقال القتبي : الميد الحركة والميل . ويقال أن تميد أي : كراهة أن تميد بكم { وَأَنْهَـٰراً } أي وجعل لكم أنهاراً { وَسُبُلاً } أي : طرقاً { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي : تعرفون بها الطرق { وَعَلامَـٰتٍ } أي : جعل في الأرض علامات من الجبال وغيرها تهتدون به الطرق في حال السفر { وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } أي : بالجدي والفرقدين تعرفون بها الطرق في البر والبحر . وروى عبد الرزاق عن معمر في قوله : { وَعَلامَـٰتٍ } قال : قال الكلبي الجبال ، وقال قتادة : النجوم . وروى سفيان عن منصور عن مجاهد في قوله : { وَعَلامَـٰتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } قال : منها ما يكون علامة ومنها ما يهتدى به . وقال عمر بن الخطاب : تعلموا من النجوم ما تهتدون به في طرقكم وقبلتكم ثم كفوا وتعلموا من الأنساب ما تصلون به أرحامكم . وقال السدي وعلامات أي : الجبال بالنهار يهتدون بها الطرق والنجوم بالليل . ثم قال : { أَفَمَن يَخْلُقُ } يعني هذه الأشياء التي وصفت لكم { كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } أي لا يقدر أن يخلق شيئاً وهم الأصنام { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } أي : أفلا تتعظون في صنعه فتوحدوه وتعبدوه ولا تعبدوا غيره .