Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 4-9)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { خَلَقَ ٱلإِنْسَـٰنَ مِن نُّطْفَةٍ } يقول : من ماء الرجل { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ } يقول : جدل بالباطل ظاهر الخصومة . وهو أبي بن خلف حيث أخذ عظماً بالياً ففته بيده وقال : عجباً لمحمد يزعم أنه يعيدنا بعد ما كنا عظاماً ورفاتاً وإنا نعاد خلقاً جديداً . فنزل { أَوَلَمْ يَرَ ٱلإِنسَـٰنُ أَنَّا خَلَقْنَـٰهُ مِن نُّطْفَةٍ } [ يس : 77 ] الآية ثم بين النعمة فقال تعالى : { وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ } الدفء ما يستدفأ به من الأكسية وغيرها والذي يتخذ منه البيوت من الشعر والوبر والصوف ، وأما المنافع فظهورها التي تحمل عليها وألبانها . ويقال : الدفء الصغار من الإِبل . وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال : { لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ } . أي في نسل كل دابة . ثم قال : { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } أي : من لحومها . قوله : { وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ } أي : ولكم يا بني آدم في الأنعام جمال حسن المنظر { حِينَ تُرِيحُونَ } أي : حتى تروح الإبل راجعة إلى أهلها { وَحِينَ تَسْرَحُونَ } أي : تسرح إلى الرعي أول النهار { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } أي : أمتعتكم وزادكم { إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَـٰلِغِيهِ إِلاَّ بِشِقّ ٱلأَنفُسِ } إلا بجهد الأبدان . وروى سماك عن عكرمة قال بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ) قال : هي مكة . ويقال : هذا الخطاب لأَهل مكة كانوا يخرجون إلى الشام وإلى اليمن ويحملون أثقالهم على الإِبل ثم قال : { إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } إذ لم يعجلكم بالعقوبة ثم قال : { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } أي : جمالاً ومنظراً وحسناً . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه سئل عن لحوم الخيل . فكرهه وتلا هذه الآية . { وَٱلْخَيْلَ وَٱلْبِغَالَ وَٱلْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } . يعني إنما خلق هذه الأصناف الثلاثة للركوب والزينة لا للأكل . وسائر الأنعام خلقت للركوب والأكل كما قال { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } وبه كان يقول أبو حنيفة إن لحم الخيل مكروه . ثم قال : { وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي : خلق أشياء تعلمون وخلق أشياء مما لا تعلمون . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن الله خلق أرضاً بيضاء مثل الدنيا ثلاثين مرة محشوة خلقاً من خلق الله تعالى لا يعلمون أن الله تعالى يعصى طرفة عين » . قالوا يا رسول الله أمن ولد آدم هم ؟ قال « ما يعلمون أن الله خلق آدم » . قالوا فأين إبليس منهم ؟ قال « ما يعلمون أن الله خلق إبليس » ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « ويخلق ما لا تعلمون " قوله : { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } أي : بيان الهدى ، ويقال هداية الطريق { وَمِنْهَا جَائِرٌ } أي : من الطرق ما هو مائل عن طريق الهدى إلى طريق اليهودية والنصرانية . وروى جويبر عن الضحاك أنه قال : { وَعَلَى ٱللَّهِ قَصْدُ ٱلسَّبِيلِ } يعني : بيان الهدى { وَمِنْهَا جَائِرٌ } أي سبيل الضلالة وقال قتادة في قراءة عبد الله بن مسعود ومنها جائر أي مائل عن طريق الهدى { وَلَوْ شَآء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } أي : لو علم الله تعالى أن الخلق كلهم أهلاً للتوحيد ( لهداهم ) . ويقال : لو شاء الله لأنزل آية يضطر الخلق إلى الإيمان ( بها ) .