Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 118-123)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال تعالى : { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ } يقول : مالوا عن الإسلام وهم اليهود { حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } أي : في القرآن من قبل هذه السورة في سورة الأنعام { وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ } بتحريم ما حرمنا عليهم { وَلَـٰكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بكفرهم فحرمنا عليهم الأشياء عقوبة لهم { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوءَ بِجَهَـٰلَةٍ } أي : عملوا المعصية بجهالة . وروي عن ابن عباس أنه قال كل سوء يعمله العبد فهو فيه جاهل وإن كان يعلم أن ركوبه سيئة { ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ } أي : العمل { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا } أي : من بعد السيئة ، ويقال : من بعد التوبة { لَغَفُورٌ } لذنوبهم { رَّحِيمٌ } بهم . قوله : { إِنَّ إِبْرٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَـٰنِتًا لِلَّهِ } أي : إماماً يقتدى به ، " قَانِتاً " أي : مطيعاً لربه . وروى عامر عن مسروق أنه قال ذكر عند عبد الله بن مسعود معاذ بن جبل . فقال عبد الله بن مسعود كان معاذ بن جبل أمةً قانتاً . فقال رجل : وما الأُمة ؟ قال : الذي يعلم الناس الخير . والقانت الذي يطيع الله ورسوله . وقال القتبي : إنَّما سماه أمةً لأنه كان سبب الاجتماع . قال : وقد يجوز أنه سماه أمةً لأنه اجتمع عنده خصال الخير ، ويقال : إنّما سماه أمةً لأنه آمن وحده حين لم يكن مؤمن غيره . وهذا كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " يجيء زيد بن عمرو بن نفيل يوم القيامة أمةً وحده " ، وقد كان أسلم قبل خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين لم يكن بمكة مؤمن غيره . وتابعه ورقة بن نوفل ، وعاش ورقة بن نوفل إلى وقت خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أنزل عليه الوحي . ثم قال : { حَنِيفًا مُّسْلِمًا } أي مستقيماً قائلاً عن الأديان كلها { وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي مع المشركين على دينهم ، وأصله ولم يكن فحذفت النون لكثرة استعمال هذا الحرف . قوله { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ } أي : ما أنعم الله عليه { ٱجْتَبَـٰهُ } أي : اصطفاه واختاره للنبوة { وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي : إلى دين قائم وهو الإسلام { وَءاتَيْنَـٰهُ فِى ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } يقول : أكرمناه بالثناء الحسن ، ويقال : بالنبوة ويقال : بالولد الطيب { وَإِنَّهُ فِى ٱلأَخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ } يعني مع الأنبياء في الجنة . قوله : { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي : بعده هذه الكرامة التي أعطيناها إياك . أمرناك { أَنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ } أي : دين إبراهيم يعني : استقم عليه { حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } على دينهم .