Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 34-39)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَأَصَابَهُمْ سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ } أي : جزاء ما عملوا { وَحَاقَ بِهِم } أي : نزل بهم { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } من العذاب أنه غير نازل بهم . قوله : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } أي : أهل مكة { لَوْ شَآء ٱللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْء } قالوا ذلك على وجه الاستهزاء يعني إن الله قد شاء لنا ذلك الذي { نَحْنُ } فيه . { وَلاَ آبَاؤُنَا } ولكن شاء لنا ولآبائنا . { وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَىْء } ولا آباؤنا . ولكن شاء لنا من تحريم البحيرة والسائبة وأمرنا به ولو لم يشأ ما حرمنا من دونه من شيء قال الله تعالى { كَذَلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يقول هكذا كذب الذين من قبلهم من الأمم { فَهَلْ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ } أي : ليس عليهم إلا تبليغ الرسالة { ٱلْمُبِينُ } أي : بينوا لهم ما أمروا به . قوله { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلّ أُمَّةٍ } أي : في كل جماعة { رَسُولاً } كما بعثناك إلى أهل مكة { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } أي : وحدوا الله وأطيعوه { وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ } أي : اتركوا عبادة الطاغوت وهو الشيطان والكاهن والصنم { فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى ٱللَّهُ } لدينه وهم الذين أَجابوا الرسل للإيمان { وَمِنْهُمْ مَّنْ حَقَّتْ } يعني وجبت { عَلَيْهِ ٱلضَّلَـٰلَةُ } فلم يجب الرسل إلى الإيمان { فَسِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ } يقول سافروا في الأرض { فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذّبِينَ } يقول اعتبروا كيف كان آخر أمر المكذبين . فلما نزلت هذه الآية قرأها - صلى الله عليه وسلم - عليهم فلم يؤمنوا فنزل قوله : { إِن تَحْرِصْ عَلَىٰ هُدَاهُمْ } يعني : على إيمانهم { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى مَن يُضِلُّ } يقول : من يضلل الله ، وعلم أنه أهل لذلك وقدر عليه ذلك . قال مقاتل : من يضلل الله فلا هادي له . قرأ أهل الكوفة حمزة وعاصم والكسائي " لاَ يَهْدِي " بنصب الياء وكسر الدال أي : لا يهدي من يضلله الله . وقرأ الباقون " لاَ يُهْدَى " بضم الياء ونصب الدال على معنى فعل ما لم يسم فاعله ، ولم يختلفوا في " يُضِلُّ " إنه بضم الياء وكسر الضاد . وقال إبراهيم بن الحكم سألت أبي عن قوله تعالى فإن الله لا يهدي من يضل فقال : قال عكرمة : قال ابن عباس : من يضلله الله لا يهدى . { وَمَا لَهُم مّن نَّـٰصِرِينَ } أي : من ما نعني من نزول العذاب قوله : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ } وكل ما حلف بالله فهو جهد اليمين ، لأَنهم كانوا يحلفون بالأصنام بآبائهم ويسمون اليمين بالله جهد اليمين وكانوا ينكرون البعث بعد الموت وحلفوا بالله حين قالوا : { لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } فكذبهم الله تعالى في مقالتهم فقال : { بَلَىٰ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقّاً } أوجبه على نفسه ليبعثهم بعد الموت { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي لا يصدقون بالبعث بعد الموت قوله { لِيُبَيّنَ لَهُمُ ٱلَّذِى يَخْتَلِفُونَ فِيهِ } من الدين يوم القيامة ، يعني : يبعثهم ليبين لهم أن ما وعدهم حق { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني : ليستبين لهم عندما خرجوا من قبورهم { أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰذِبِينَ } في الدنيا .