Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 40-47)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْءٍ } يعني : إن بعثهم على الله يسير { إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة " فَيَكُونُ " بضم النون وقرأ الباقون بالنصب . قوله : { وَٱلَّذِينَ هَـٰجَرُواْ فِى ٱللَّهِ } أي : هاجروا من مكة إلى المدينة في طاعة الله { مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ } أي عذبوا { لَنُبَوّئَنَّهُمْ فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } أي : لننزلنهم بالمدينة ولنعطينهم الغنيمة ، فهذا الثواب في الدنيا { وَلأَجْرُ ٱلأَخِرَةِ } أي : الجنة { أَكْبَرُ } أي أفضل { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي : يصدقون بالثواب . ثم نعتهم فقال { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } على العذاب { وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي : يثقون به ولا يثقون بغيره ، منهم بلال بن حمامة وعمار بن ياسر وصهيب ابن سنان وخباب بن الأرت . قال مقاتل : نزلت الآية في هؤلاء الأربعة عذبوا على الإيمان بمكة . وقال في رواية الكلبي : نزلت في ستة نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسرهم أهل مكة وذكر هؤلاء الأربعة واثنين آخرين عابس وجبير مولى لقريش . فجعلوا يعذبونهم ليردوهم عن الإسلام . فأما صهيب فابتاع نفسه بما له ورجع إلى المدينة . وأما سائر أصحابه فقالوا بعض ما أرادوا ثم هاجروا إلى المدينة بعد ذلك ثم قال : قوله : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } كما أوحى إليك وذلك أن مشركي قريش لما بلغهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الرسالة ودعاهم إلى عبادة الله تعالى أنكروا ذلك وقالوا لن يبعث الله رجلاً إلينا ولو أراد الله أن يبعث إلينا رسولاً لبعث إلينا من الملائكة الذين عنده . فنزل { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } إلى الأمم الماضية { إِلاَّ رِجَالاً } مثلك { نُّوحِى إِلَيْهِمْ } كما نوحي إليك . قرأ عاصم في رواية حفص " نُوحِي " بالنون وقرأ الباقون بالياء . ثم قال { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ } أي : أهل التوراة والإِنجيل { إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ بِٱلْبَيّنَـٰتِ وَٱلزُّبُرِ } وفي الآية تقديم وتأخير ، أي : وما أرسلنا من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم بالبينات والزبر . وروى أسباط عن السدي قال : البينات الحلال والحرام ، والزبر كتب الأنبياء . وقال الكلبي : البينات أي : بالآيات الحلال والحرام والأمر والنهي ما كانوا يأتون به قومهم منها وهو كتاب النبوة ويقال : البينات التي كانت تأتي بها الأنبياء مثل عصا موسى وناقة صالح . وقال مقاتل : والزبر يعني : حديث الكتب ثم قال : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذّكْرَ } يعني : القرآن { لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ } لتقرأ للناس { مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ } أي : ما أمروا به في الكتاب { وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } يتفكروا فيه ليؤمنوا به . ثم خوفهم فقال : { أَفَأَمِنَ ٱلَّذِينَ مَكَرُواْ ٱلسَّيّئَاتِ } أي : أشركوا بالله { أَن يَخْسِفَ ٱللَّهُ بِهِمُ ٱلأَرْضَ } يعني : أن تغور الأرض بهم حتى يدخلوا فيها إلى الأرض السفلى { أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ } أي : من حيث لا يعلمون بهلاكهم . قوله : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِى تَقَلُّبِهِمْ } أي في سفرهم في ذهابهم ومجيئهم في تجارتهم { فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ } أي : بفائتين { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } أي : على تنقص ويقال يأخذ قرية بالعذاب ويترك أخرى قريبةً منها . فيخوفها بمثل ذلك . وهذا قول مقاتل . وروي عن بعض التابعين : أن عمر سأل جلساءه عن قوله : { أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ } فقالوا : ما نرى إلا عند بعض ما يرون من الآيات يخوفهم . فقال عمر : ما أراه إلاَّ عندما يتنقصون من معاصي الله . فخرج رجل فلقي أعرابياً فقال : يا فلان ما فعل دينك ؟ قال تخيلته أي : تنقصته فرجع إلى عمر فأخبره بذلك . ثم قال تعالى : { فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءوفٌ رَّحِيمٌ } أي : لا يعجل عليهم بالعقوبة .