Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 57-62)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَـٰتِ } يعني : يصفون لله ويقولون الملائكة بنات الله { سُبْحَـٰنَهُ } أي : تنزيهاً له عن الولد { وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } يعني الأولاد الذكور أي : يصفون لغيرهم البنات ولأنفسهم الذكور . ثم وصف كراهتهم البنات لأنفسهم فقال { وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ } يقول : إذا بشر أحد الكفار بالأنثى { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } أي : صار وجهه متغيراً من الحزن والخجل { وَهُوَ كَظِيمٌ } يعني : مكروباً مغموماً من الحزن يتردد حزنه في جوفه . قوله : { يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوء } يعني : يكتم ما به من القوم ، ويقال : يستر وجهه من القوم ويختفي من سوء { مَا بُشّرَ بِهِ } أي : ما ظهر على وجهه من الكراهية ويدبر في نفسه كيف أصنع بها { أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ } أي : الأنثى التي ولدت له على هوان ، يعني : أيحفظه على هوان { أَمْ يَدُسُّهُ فِى } أي : يدقه { ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ } أي : بئسما يفضون به . لأنفسهم الذكور وله الإناث ثم قال : { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ } أي : المشركين { مَثَلُ ٱلسَّوْء } أي : جزاء السوء النار في الآخرة . ويقال : يعني : عاقبة السوء ، ويقال : لآلهتهم صفة السوء صم بكم عمي { وَلِلَّهِ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ } أي : الصفة العليا وهي : شهادة أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ } [ الشورى : 11 ] { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ الإخلاص : 3 - 4 ] فهذه الصفة العليا { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } في ملكه { ٱلْحَكِيمُ } في أمره . أَمَرَ الخلق أن لا يعبدوا غيره . قوله : { وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِظُلْمِهِمْ } أي : بشركهم ومعصيتهم { مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ } أي لم يترك على ظهر الأرض من دابة . ودل الإضمار على الأرض لأن الدواب إنما هي على الأرض . يقول : أنا قادر على ذلك { وَلٰكِن يُؤَخِرُهُمْ إلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّىٰ } أي إلى وقت معلوم . ويقال : ما ترك عليها من دابة لأنه لو أخذهم بذنوبهم لمنع المطر وإذا منع المطر لم يبق في الأرض دابة إلا أهلكت ولكن يؤخر العذاب إلى أجلٍ مسمًى . وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : لو عذب الله الخلائق بذنوب بني آدم لأصاب العذاب جميع الخلائق حتى الْجِعْلاَن في جحرها ولأمسكت السماء عن الأمطار ولكن يؤخرهم بالفضل والعفو . ثم قال : { فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ } أي : أجل العذاب { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ } أي : لا يتأخرون عن الوقت { سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } أي : لا يتقدمون قبل الوقت . ثم قال : { وَيَجْعَلُونَ } أي : يصفون ويقولون { لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ } : لأنفسهم وهو البنات { وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ ٱلْكَذِبَ } أي : يقولون الكذب { أَنَّ لَهُمُ ٱلْحُسْنَىٰ } أي : الذكور من الولد ويقال الجنة . أي : يصفون لأنفهسم مع أعمالهم القبيحة أن لهم في الآخرة الجنة ثم قال : { لاَ جَرَمَ } يعني : حقاً . ويقال لا بد ولا محالة { أَنَّ لَهُمُ ٱلْنَّارَ } وهو كقوله : { أَمْ حَسِبَ ٱلَّذِينَ ٱجْتَرَحُواْ ٱلسَّيِّئَـٰتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَٱلَّذِينَ } [ الجاثية : 21 ] إلى قوله : { سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [ الجاثية : 21 ] { وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ } قرأ نافع بكسر الراء يعني : أفرطوا في القول وأفرطوا في المعصية . وقرأ الباقون " مُفْرَطُونَ " بفتح الراء أي : مُتْرَكُونَ في النار ويقال : منسيون في النار ، وهو قول سعيد ابن جبير . وقال قتادة : أي معلجون في النار . ويقال : الفارط في اللغة : الذي يتقدم إلى الماء وهذا قول يوافق قول قتادة .