Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 94-97)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا } أي : إن ناقض العهد يزل عن الطاعة كما تزل قدم الرجل بعد الاستقامة { وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوءَ } أي : تتجرعوا العقوبة { بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي : صرفتم الناس عن دين الإسلام { وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } يعني : شديد في الآخرة { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } أي لا تختاروا على عهد الله والحلف به { ثَمَناً قَلِيلاً } أي : عرضاً يسيراً من الدنيا { إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ } في الآخرة من الثواب الدائم { هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } أي : ثواب الجنة { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أَن الآخرة خير من الدنيا ، ويقال : إن كنتم تصدقون بثوابه . قال الكلبي : " نزلت الآية في رجل من حضرموت يقال له عبدان بن الأشوع قال : يا رسول الله إنّ امرأ القيس الكندي جاورني في أرض فاقتطع أرضي فذهب بها وغلبني عليها . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « أيشهد لك أحد على ما تقول ؟ » قال : يا رسول الله إِنَّ القوم كلهم يعلمون أنِّي صادق فيما أقول ولكنه أكرم عليهم مني عليهم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لامرىء القيس . « ما يقول صاحبك ؟ » قال الباطل والكذب فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن يحلف . فقال عبدان : إنه لفاجر وما يبالي أن يحلف فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - « إن لم يكن لك شهود فخذ يمينه » . فقال عبدان . وما لي يا رسول الله إلا يمينه ؟ فقال لا . فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحلف . فلما قام ليحلف أخره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال له : « إنصرف " فانصرف من عنده فنزلت هذه الآية { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } إلى قوله : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ } أي : ما عندكم من أمور الدنيا يفنى { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } أي : ثواب الله في الجنة دائم لأَهلها { وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } عن اليمين وأقروا بالحق . ويقال الذين صبروا على الإيمان وأقروا بالحق { أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني : بالإحسان الذي كانوا يعملون في الدنيا . ويقال : يجزيهم بأحسن أعمالهم ويبقى سائر أعمالهم فضلاً . قال الكلبي : فلما نزلت هاتان الآيتان قال امرؤ القيس : أَمَّا ما عندي فينفد وأمَّا صاحبي فيجزى بأَحسن ما كان يعمل . اللَّهم إنه صادق فيما قال ، لقد اقتطعت أرضه . والله ما أدري كم هي . ولكنه يأخذ ما يشاء من أرض ومثلها معها بما أكلت من ثمارها . فنزل { مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } يعني : لا يقبل العمل منه ما لم يكن مؤمناً ، فإذا كان مؤمناً وعمل صالحاً يقبل منه ، ثم قال : { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً } في الجنة ، ويقال : يجعل حياته في طاعة الله ويقال : فلنقنعه باليسير من الدنيا . وروي عن ابن عباس أنه قال : الكسب الطيب والعمل الصالح ، وعن عليّ إنه قال : القناعة ، وقال الحسن : لا تطيب الحياة لأحد إلا في الجنة ، وقال الضحاك : الرزق الحلال وعبادة الله تعالى ثم قال : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم } أي : ثوابهم { بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أي : يثيبهم بإحسانهم ويعفو عن سيئاتهم . قرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر في إحدى الروايتين " وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صبروا " بالنون وقرأ الباقون بالياء ، واتفقوا في قوله " وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ " بالنون .