Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 20-23)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء } يعني : كلا الفريقين من المؤمنين والكافرين نعطي هؤلاء من أهل المعصية { وَهَـؤُلاءِ } من أهل الطاعة { مِنْ عَطَاء رَبّكَ } أي : من رزق ربك . وقال الحسن : كلاًّ نمد . نعطي من الدنيا البر والفاجر { وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبّكَ مَحْظُورًا } يعني : محبوساً عن البر والفاجر في الدنيا . { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } في الدنيا بالمال { وَلَلاْخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـٰتٍ } يقول : ولفضائل الآخرة أرفع درجات مما فضلوا في الدنيا { وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } أي : وأرفع في الثواب . وقال الضحاك : " وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ " في الجنة ، الأعلى يرى فضله على من هو أسفل منه والأسفل لا يرى أَن فوقه أحداً . وقال مقاتل : فضل المؤمنين في الآخرة على الكفار أكبر من فضل الكفار على المؤمنين في المال في الدنيا ، وقال بعض الحكماء : إذا أردت هذه الدرجات وهذا التفضيل فاستعمل هذه الخصال التي ذَكَرَ في هذه الآيات إلى قوله { عِنْدَ رَبّكَ مَكْرُوهًا } . وروي عن ابن عباس أنه قال : هذه الثماني عشرة آية كانت في ألواح موسى عليه السلام حيث كتب الله له فيها ، أنزلها الله تعالى على نبيه محمد عليه السلام وهي كلها في التوحيد وهي في الكتب كلها موجودة لم تنسخ قط وهو قوله تعالى { لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءاخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا } يعني : تبقى شقياً مذموماً يذمك الله ويذمك الناس بفعلك { مَّخْذُولاً } يعني : يخذلك الذي تعبده . ويقال : فتبقى في النار يذمك الله ويذمك الناس وتذم نفسك مخذولاً أي : يخذلك معبودك ولا ينصرك . قوله : { وَقَضَىٰ رَبُّكَ } يعني : أمر { أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ } أي أمر ربك لا تطيعوا أحداً إلا إياه ، يعني : إلا الله تعالى يعني : لا تطيعوا أحداً في المعصية وتطيعوا الله في الطاعة ، ويقال لا توحدوا إلا الله . وفي قراءة ابن مسعود وَوَصَّى رَبُّكَ ألا تطيعوا إلاَّ إيَّاهُ { وَبِٱلْوٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } أي : أمر بالإِحسان إلى الوالدين بِراً بهما وعطفاً عليهما { إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ } قرأ حمزة والكسائي " إمَّا يَبْلَغَانِ " بلفظ التثنية لأنه سبق ذكر الوالدين . وقرأ الباقون " يَبْلُغَنَّ " بلفظ الوحدان . لأنه انصرف إلى قوله : { أَحَدُهُمَا } يعني : إن بلغ الكبر أحدهما { أَوْ كِلاَهُمَا } يعني : إن بلغ أحد الأبوين عندك الهرم أو كلا الأبوين { فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ } أي : لا تقذرهما ولا تقل لهما قولاً رديئاً عند خروج الغائط منهما إذا احتاجا إلى معالجتهما عند ذلك . قال الفقيه : حدثنا أبو عبد الرحمن بن محمد قال : حدثنا فارس بن مردويه قال : حدثنا محمد بن الفضل قال : حدثنا أصرم عن عيسى بن عبد الله الأشعري عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لو علم الله شيئاً من العقوق أدنى من أفٍ لحرمه فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار " … وقال مجاهد : إذا كبرا فلا تأف لهما لأنهما قد رأيا منك مثل ذلك . وقال القتبي : أُفٍ بكسر وفتح وبضم وهو ما غلظ من الكلام يعني : لا تستثقل شيئاً من أمورهما ولا تغلظ لهما القول . قرأ ابن كثير وابن عامر بنصب الفاء ، وقرأ نافع وعاصم في رواية حفص أُفٍّ بكسر الفاء مع التنوين وقرأ الباقون أفِّ بكسر الفاء بغير تنوين ومعنى ذلك كله واحد . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَنْهَرْهُمَا } يعني : لا تغلظ عليهما بالقول { وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا } أي ليناً حسناً .