Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 24-26)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ } أي : كن ذليلاً رحيماً عليهما . وروى هشام عن عروة عن أبيه في قوله : { وَٱخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلّ مِنَ ٱلرَّحْمَةِ } قال : كن لهما ذليلاً ولا تمتنع من شيء أحباه . وقال عطاء : جناحك يعني : يداك لا ينبغي أن ترفع يدك على والديك ولا ينبغي لك أن تحد بصرك إليهما تغيظاً . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إذا دعاك أبواك وأنت في الصلاة فأجب أمك ولا تجب أباك " وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لو كان جريج الراهب فقيهاً لعلم أن إجابة أمه أفضل من صلاته " . قال الفقيه أبو الليث - رضي الله عنه - لأن في ذلك الوقت كان الكلام الذي تحتاج إليه مباحاً في الصلاة . وكذلك في أول شريعتنا ثم نسخ الكلام في الصلاة فلا يجوز أن يجيبها إلا إذا علم أنه وقع لها أمر مهم فيجوز له أن يقطع ثم يستقبل . ثم قال تعالى : { وَقُل رَّبّ ٱرْحَمْهُمَا } أي : عند معالجتك إياهما في الكبر . ويقال : معناه : رب اجعل رحمتهما في قلبي حتى أربيهما في كبرهما { كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا } أي : كما عالجاني في صغري ، ويقال : معناه : ادع لهما بالرحمة بعد موتهما أي : كن باراً بهما في حياتهما وادع لهما بعد موتهما . ثم قال : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ } من اللين لهما { إِن تَكُونُواْ صَـٰلِحِينَ } أي بارين بالوالدين محسنين إليهما { فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُوراً } أي : للراجعين من الذنوب إلى طاعة الله تعالى . ويقال : في الآية مضمر ومعناه : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَـٰلِحِينَ } فإِن لم تكونوا صالحين فارجعوا إلى الله وتوبوا إليه تعالى . وقال مجاهد : الأواب الذي يذكر ذنوبه في الخلوة ويستغفر منها … وقال سعيد بن جبير الأواب : الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب . وقال الحسن الأواب : الذي يقبل إلى الله بقلبه وعمله . وقال السدي الأواب : المحسن وقال القتبي : الأواب : التائب مرة بعد مرة من قولك آب يؤوب . ويقال : الأواب : الذي يصلي بين المغرب والعشاء . قوله : { وَءاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } أي : صلته { وَٱلْمِسْكِينَ } أي : أعط السائلين { وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ } أي : الضيف النازل وحقه ثلاثة أيام . ثم قال تعالى : { وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا } أي : لا تنفق مالك في غير طاعة الله تعالى . وروي عن عمثان بن الأسود أنه قال سمعت مجاهداً ونحن نطوف بالبيت ورفع رأسه إلى أبي قبيس فقال : لو كان أبو قبيس ذهباً لرجل فأنفقه في طاعة الله تعالى لم يكن مسرفاً ولو أنفق درهماً في معصية الله تعالى كان مسرفاً . وروى الأعمش عن الحكم عن أبي عبيد وكان ضريراً وكان عبد الله بن مسعود يدنيه فجاءه يوماً فقال : من نسأل إن لم نسألك ؟ فقال سل . قال فما الأواب ؟ قال الرحيم قال فما التبذير ؟ قال إنفاق المال في غير حقه . قال فما الماعون ؟ قال : ما يعاون الناس فيما بينهم . قال فما الأمة ؟ قال الذي يعلم الناس الخير .