Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 45-47)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرءانَ } يعني : أخذت في قراءة القرآن { جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلأَخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا } قال بعضهم : الحجاب المستور هو أن يمنعهم عن الوصول إليه . كما " روي أن امرأة أبي لهب جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان عنده أبو بكر فدخلت فقالت لأبي بكر هجاني صاحبك ، قال أبو بكر : والله هو ما ينطق بالشعر ولا يقوله فرجعت . فقال أبو بكر : أما رأتك يا رسول الله ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - « لم يزل بيني وبينها ملك يسترني عنها حتى رجعت " وقال قتادة : الحجاب المستور هو الأكنة وقال مقاتل : الحجاب هو قوله : { وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ } يعني : جعلنا أعمالهم على قلوبهم أغطية حتى لا يرغبوا في الحق ، ويقال : جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة يعني : الجن والشياطين حجاباً مستوراً فلا يصلون إليك . وقال الكلبي : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا تلى القرآن ستره الله وحجبه عن المشركين بثلاث آيات . إذا قرأهن حجب عنهم . إحداهن في سورة الكهف { إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } [ الكهف : 57 ] والآية الثانية في النحل { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } [ النحل : 108 ] ، والثالثة في حم الجاثية { أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } [ الجاثية : 23 ] الآية . ثم قال { وَفِيۤ آذَانِهِمْ وَقْراً } أي : صمماً وثقلاً لا يسمعون الحق . قرأ ابن كثير كما يقولون بالياء وكذلك في قوله : { عَمَّا يَقُولُونَ } [ الإسراء : 43 ] وكذلك { يُسَبِّحُ لَهُ } [ النور : 36 ] الثلاثة كلها بالياء على معنى المغايبة . وقرأ حمزة والكسائي كلهن بالتاء على معنى المخاطبة ولفظ التأنيث وقرأ نافع وابن عامر الأول خاصة بالتاء والآخرين بالياء . وقرأ أبو عمرو الأوسط بالياء . واختلفوا عن عاصم في رواية حفص الآخر خاصة بالياء وروى أبو بكر مثل ابن عامر قوله تعالى : { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي ٱلْقُرْآنِ وَحْدَهُ } يعني : وحدانيته ، قول لا إله إلا الله { وَلَّوْاْ عَلَىٰ أَدْبَـٰرِهِمْ نُفُوراً } أي : أعرضوا تباعداً عن الإيمان . وقال القتبي : ولوا على أدبارهم هرباً . وهو مثل ما قال مقاتل وذلك حين قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : " قولوا لا إله إلا الله تتملكوا بها العرب وتدين لكم بها العجم " فنفروا من ذلك . ثم قال : { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ } يعني : بالقرآن { إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ } أي : إلى قراءتك القرآن { وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ } يعني : يتناجون فيما بينهم { إِذْ يَقُولُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي : يقول المشركون للمؤمنين { إِن تَتَّبِعُونَ } يعني : ما تطيعون { إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا } يعني : مقلوب العقل . وذكر القتبي عن مجاهد أنه قال مسحوراً أي : مخدوعاً . لأن السحر حيلة وخديعة كقوله : { فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ } [ المؤمنون : 89 ] أي : من أين تخدعون . وذكر عن أبي عبيدة قال : السحر الرئة يقال للرجل : انتفخ سحرك إذا جبن . يعني : إن تتبعون إلا رجلاً ذا رئة أي : بشراً مثلكم .