Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 39-44)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { ذٰلِكَ مِمَّا أَوْحَىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ } أي : مما بين الله تعالى وأمر ونهى . كان ذلك مكتوباً في اللوح وأوحى إليك ربك { مِنَ ٱلْحِكْمَةِ } أي : بيان الحلال والحرام { وَلاَ تَجْعَلْ } أي : لا تقل { مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً ءاخَرَ } فالخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم والمراد به أمته { فَتُلقى } أي : فتطرح { فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا } أي : يلومك الناس { مَّدْحُورًا } أي : مقصياً من كل خير . وقال القتبي : مدحوراً أي : مبعداً ، يقال : في الدعاء اللهم ادحر عني الشيطان أي : ابعده مني . { أَفَأَصْفَـٰكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ } أي : أفاختاركم بالبنين { وَٱتَّخَذَ } لنفسه { مِنَ ٱلْمَلَـئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا } في العقوبة ، ويقال : قولاً منكراً قبيحاً . قوله : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا } لقد بينا { فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ } أي : ليتعظوا بالقرآن ، ويقال : في القرآن من كل شيء يحتاج إليه الناس ، ويقال بينا في هذا القرآن من كل وعد ووعيد ليتعظوا بما في القرآن فينتهوا عن عبادة الأوثان { وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا } أي : القرآن لا ينفعهم إلا تباعداً عن الإيمان . قرأ حمزة والكسائي " لِيَذْكُرُوا " بالتخفيف يعني : ليذكروا ما فيه ، وقرأ الباقون بالتشديد لأن أصله ليتذكروا فادغم التاء في الذال وشدد . قوله : { قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ ءالِهَةٌ } قال ابن عباس : قل لأهل مكة . { كَمَا يَقُولُونَ } من الأوثان { إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَىٰ ذِى ٱلْعَرْشِ سَبِيلاً } أي : طريقاً ، فكانوا كهيئته . وقال قتادة أي : لعرفوا فضل ذي العرش ومزيته عليهم . ويقال : ابتغوا طريقاً للوصول إليه . وقال مقاتل : لطلبوا سبيلاً ليقهروه كفعل الملوك بعضهم مع بعض ، ثم نزه نفسه عن الشريك فقال تعالى : { سُبْحَـٰنَهُ } أي : تنزيهاً له { وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ } أي : عما يقول الظالمون إن معه شريكاً { عُلُوّاً كَبِيراً } أي : بعيداً عما يقول الكفار . قوله { تُسَبّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوَاتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ } من الخلق { وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ } أي : ما من شيء إلا يسبح بأمره وبعلمه وقال الكلبي : كل شيء ينبت يسبح ، من الشجر وغير ذلك . فإِذا قطع منه صار ما قطع منه ميتاً لا يسبح . وقال قتادة : كل شيء فيه الروح يسبح من شجر أو غيره . وقال السدي : ليس شيء في أصله الأول إلا وهو يسبح . وروي عن الحسن أنه قيل له : أيسبح هذا الخوان ؟ قال كان يسبح في شجره . فأَمَّا الآن فلا ، ويقال : إذا قطع الشجر فإِنه يسبح ما دام رطباً بدليل ما " روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مر بقبرين فقال : « إنَّهما ليعذبان في القبر وما يعذبان بكبيرة فأَمَّا أحدهما . كان يمشي بالنميمة وأمَّا الآخر فكان لا يستنزه عن البول » . ثم أخذ جريدتين من شجر وغرس إحداهما في قبر والأُخرى في قبر الآخر . فقال « لعلهما لا يعذبان ما دامتا رطبتين " قال الحكماء : الحكمة في ذلك أنهما ما دامتا رطبتين تسبحان الله تعالى . ويقال : معناه : ما من شيء إلا يسبح بحمده ، ويقال : معناه : وإن من شيء يسبح بحمده إلا يدل على وحدانية الله تعالى ويسبحه وأن الله خالقه { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } يعني : أثر صنعه فيهم ، ولكن هذا بعيد وهو خلاف أقاويل المفسرين ثم قال : { إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا } حيث لم يجعل العقوبة لمن اتخذ معه آلهة { غَفُوراً } لمن تاب منهم .