Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 50-53)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الله تعالى : { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً } اللفظ لفظ الأمر ومعناه معنى الخبر ، يعني : لو كنتم من الحجارة { أَوْ حَدِيداً } أو من الحديد { أَوْ خَلْقًا مّمَّا يَكْبُرُ فِى صُدُورِكُمْ } قال مجاهد : حجارة أو حديداً أو ما شئتم فكونوا . فسيعيدكم الله الذي فطركم أول مرة كما كنتم ، ويقال أو خلقاً مما يكبر في صدوركم يعني : السماء والأرض والجبال . وقال الكلبي : معناه لو كنتم الموت لأماتكم . وعن الحسن وسعيد بن جبير وعكرمة قالوا : أو خلقاً مما يكبر في صدوركم يعني الموت فيبعثكم كما خلقكم أول مرة قالوا لو كنا من الحجارة أو من حديد أو من الموت فمن يعيدنا ؟ وهو قوله تعالى : { فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ } يا محمد فسيعيدكم الله { ٱلَّذِى فَطَرَكُمْ } أي : خلقكم { أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ } يهزون إليك رؤوسهم تعجباً من قولك . وقال القتبي : يعني يحركونها استهزاء بقولك . وقال الزجاج أي : سيحركون رؤسهم تحريك من يستثقله ويستبطئه { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ } يعنون : البعث { قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا } وكل ما هو آت فهو قريب ، وعسى من الله واجب . قالوا يا محمد فمتى هذا القريب ؟ فنزل { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } يعني : إسرافيل وهي النفخة الأخيرة { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } يقول : تخرجون من قبوركم بأمره وتقصدون نحو الداعي . وقال مقاتل : يوم يدعوكم من قبوركم فتستجيبون للداعي بأمره . وذلك أن إسرافيل يقوم على صخرة بيت المقدس يدعو أهل القبور في قرن : أيتها العظام البالية واللحوم المتفرقة والعروق المتقطعة اخرجوا من قبوركم فيخرجون من قبورهم . ثم قال : { وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } أي : ما لبثتم في القبور إلا يسيراً قال الكلبي : وذلك أنه يرفع عنهم العذاب ما بين النفختين . وبينهما أربعون سنة فينسون العذاب فيظنون أنهم لم يلبثوا في قبورهم إلاَّ يسيراً . وروي ذلك عن ابن عباس وهذا أصح ما قيل فيه . لأن بعض المبتدعين قالوا إذا وضع الميت في قبره لا يكون عليه العذاب إلى وقت البعث فيظنون أنهم مكثوا في القبر قليلاً قوله : { وَقُل لّعِبَادِى يَقُولُواْ ٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } قال ابن عباس كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤذيهم المشركون بمكة بالقول فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزل { وَقُل لّعِبَادِى } أي المسلمين { يَقُولُواْ ٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } أي : يجيبوا بجواب حسن ، برد السلام بلا فحش وهذا كقوله : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } [ الفرقان : 63 ] ويقال : نزلت الآية في شأن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، سبه رجل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر الله تعالى بالكف عنه . ويقال : نزلت في شأن عمر رضي الله عنه كان بينه وبين كافر كلام ثم قال تعالى { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ } أي : يوسوس ويوقع بينهم العداء لعنه الله ليفسد أمرهم { إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ كَانَ لِلإِنْسَـٰنِ عَدُوّاً مُّبِينًا } أي : ظاهر العداوة وهذا كقوله : { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً }