Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 54-57)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال : { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } أي أعلم بأحوالكم وما أنتم فيه من أذى المشركين { إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ } فينجيكم من أهل مكة إذا صبرتم على ذلك { أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذّبْكُمْ } فيسلطهم عليكم إذا جزعتم ولم تصبروا { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } يعني : مسلطاً وهذا قبل أن يؤمر بالقتال ، ويقال : { وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } أي : ليست المشيئة إليك في الهدى والضلالة ثم قال : { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلاْرْضِ } ، أي : ربك عالم بأهل السموات وأهل الأرض وهو أعلم بصلاح كل واحد منهم . ثم قال : { وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ } منهم من فضل الله بالكلام وهو موسى - عليه السلام - ومنهم من اتخذه خليلاً وهو إبراهيم - عليه السلام - ومنهم من رفعه مكاناً علياً وهو إدريس - عليه السلام - ومنهم من اصطفاه وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - { وَءاتَيْنَا دَاوُودُ زَبُوراً } أي : كتاباً . قال مقاتل : الزبور مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم ولا فريضة ، إنما ثناء على الله تعالى . قرأ حمزة " زُبُوراً " بضم الزاي . وقرأ الباقون بالنصب وهما لغتان ومعناهما واحد . قوله : { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ } قال ابن عباس : إن ناساً من خزاعة كانوا يعبدون الجن وهم يرون أنهم هم الملائكة فقال الله تعالى : { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مّن دُونِهِ } يعني : تعبدون من دون الله { فَلاَ يَمْلِكُونَ } لا يقدرون { كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ } يقول : صرف السوء عنكم من الأمراض والبلاء إذا نزل بكم { وَلاَ تَحْوِيلاً } يقول : ولا تحويله إلى غيره ما هو أهون منه ويقال : ولا يحولونه إلى غيرهم . قوله : { أُوْلَـٰئِكَ } يعني : الملائكة { ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } أي : يعبدونهم ويدعونهم آلهة . قرأ ابن مسعود " تَدْعُونَ " بالتاء على معنى المخاطبة { يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ } يقول : يطلبون إلى ربهم القربة والفضيلة والكرامة بالأعمال الصالحة { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } أكرم على الله تعالى وأقرب في الفضيلة والكرامة { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } أي : جنته { وَيَخَـٰفُونَ عَذَابَهُ } أي : ناره { إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا } يعني : لم يكن لأحد أمان من عذاب الله تعالى ، ويقال محذوراً أي ينبغي أن يحذر منه . وروى الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه قال كان ناس من الإنس يعبدون قوماً من الجن . فأسلم الجن وبقي الإنس على كفرهم . فأنزل الله { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } يعني الجن { يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } وروى السدي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال { أُولَـئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } عيسى وعزيراً والملائكة وما عبد من دون الله وهو لله مطيع .