Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 73-73)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } أي : وقد كادوا ليصرفونك عن الذي أوحينا إليك إن قدروا على ذلك ، وذلك " أن ثقيفاً أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : نحن إخوانك وأصهارك وجيرانك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « ماذا تريدون ؟ » قالوا : نريد أن نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال . فقال - صلى الله عليه وسلم - « وما هن ؟ » قالوا : لا ننحني في الصلاة ولا نكسر أصنامنا بأيدينا ، وأن تمتعنا بالطاغية سنة يعني : بطاعة الأصنام سنة . فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - « أما قولكم لا ننحني في الصلاة فإنه لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود » . قالوا : فإنا نفعل ذلك وإن كان فيه دناءة ، « وأمَّا قولكم إنا لا نكسر أصنامنا بأيدينا . فإنا سنأمر من يكسرها » ، قالوا فتمتعنا باللات سنة ، فقال : « إني غير ممتعكم بها " قالوا يا رسول الله : فإنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا ما لم تعط غيرنا فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكره أن يقول لا مخافة أن يأبوا الإسلام فنزل : { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } وقال السدي : إن قريشاً قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنك ترفض آلهتنا كل الرفض فلو أنك تأتيها فتلمسها أو تبعث بعض ولدك فيمسها كان أرق لقلوبنا وأحرى أن نتبعك . فأراد أن يبعث ابنه الطاهر فيمسح فنهاه الله تعالى عن ذلك ونزل { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } وروى أبو العالية عن أصحابه ، منهم القرظي قال : لما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة النجم فبلغ { أَفَرَأَيْتُمُ ٱللاَّتَ وَٱلْعُزَّىٰ وَمَنَاةَ ٱلثَّالِثَةَ ٱلأُخْرَىٰ } [ النجم : 20 ] جرى على لسانه تلك الغرانيق العلى وإنَّ شفاعتهن لترتجى . فلما بلغ السجدة سجد ، وسجد معه المشركون . ثم جاء جبريل فقال ما جئتك بهذا فنزل { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ } إلى قوله : { وَإِذاً لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - مغموماً حتى نزل { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى ٱلشَّيْطَـٰنُ فِى أُمْنِيَّتِهِ } الآية وروى سعيد بن جبير عن قتادة قال : ذكر لنا أن قريشاً خلوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة إلى الصبح يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه وكان في قولهم أن قالوا : يا محمد إنك تأتي بشيء لم يأت به أحد من الناس . وأنت سيدنا وابن سيدنا فما زالوا يكلمونه حتى كاد أن يقاربهم . ثم إن الله تعالى منعه وعصمه عن ذلك فقال تعالى { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَـٰكَ } [ الإسراء : 74 ] الآية وذلك قوله { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } في القرآن { لِتفْتَرِىَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ } يعني : لتقول أو تفعل غير الذي أمرتك في القرآن { وَإِذاً لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } أي : صفياً وصديقاً ، ويقال : إن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - اطرد عن مجلسك سقاط الناس ومواليهم حتى نجلس معك فهمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل ذلك فنزل { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } من تقريب المسلمين { وَإِذاً لآَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } لو فعلت ما طلبوا منك .