Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 174-176)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } نزلت في رؤساء اليهود كانوا يرجون أن يكون النبي - عليه السلام - منهم فلما كان من غيرهم خشوا بأن تذهب منافعهم من السفلة فعمدوا إلى صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فغيروها . ويقال : غيروا تأويلها فنزلت هذه الآية { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ } يعني في التوراة بكتمان صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - { وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } يعني يختارون به عرضاً يسيراً من [ منافع ] الدنيا { أُولَـٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ ٱلنَّارَ } يعني يأكلون الحرام وإنما سمي الحرام ناراً لأنه يستوجب به النار . كما قال في آية أخرى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَٰلَ ٱلْيَتَـٰمَىٰ ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً } [ النساء : 10 ] . { وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي لا يكلمهم بكلام الخير لأنه يكلمهم بكلام العذاب حيث قال تعالى : { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [ المؤمنون : 108 ] ، { وَلاَ يُزَكِّيهِمْ } أي ولا يطهرهم من الأعمال الخبيثة السيئة . وقال الزجاج : ولا يزكيهم أي لا يثني عليهم خيراً ومن لا يثنى عليه فهو معذب { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي وجيع يعني الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب وكذلك كل من كان عنده علم فاحتاج الناس إلى ذلك فكتمه فهو من أهل هذه الآية . وهذا كما روى أبو هريرة عن النبي : - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " من كتم علماً ألجمه الله تعالى يوم القيامة بلجام من نار " ثم قال : { أُوْلَـٰئكَ ٱلَّذِينَ } يعني رؤساء اليهود { ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ } يعني اختاروا الكفر على الإيمان { وَٱلْعَذَابَ بِٱلْمَغْفِرَةِ } يعني اختاروا النار على الجنة { فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } يقول : فما الذي أجرأهم على فعل أهل النار . ويقال : معناه فما أبقاهم في النار كما يقال : فما أصبر فلاناً على الحبس : أي أبقاه : { ذٰلِكَ } أي ذلك العذاب { بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ بِٱلْحَقِّ } أي القرآن { بِٱلْحَقِّ } أي بالعدل { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِي ٱلْكِتَـٰبِ } أي في القرآن { لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ } أي في ضلالة بينة ويقال : معناه أن الله تعالى أنزل القرآن على محمد - عليه السلام - بالعدل فتركوا اتباعه وخالفوه فاستوجبوا بذلك العذاب ويقال : لفي شقاق بعيد أي في خلاف بعيد من الحق وذكر عن قتادة أنه قال : { فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } أي فما أجرأهم على العمل الذي يقرب إلى النار وروي عن مجاهد أنه قال : ما أعلمهم بعمل أهل النار ويريد ما أدومهم على عمل أهل النار وقال أبو عبيدة : ما الذي صيرهم ودعاهم إلى النار .