Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 51-53)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَإِذْ وٰعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } قرأ أبو عمرو { وإذ وعدنا موسى } بغير ألف وقرأ غيره { وٰعَدْنَا } بالألف ، فمن قرأ بغير ألف فمعناه ظاهر ، يعني أن الله تعالى وعد موسى عليه السلام ومن قرأ بالألف فالمواعدة تجري بين اثنين ، وإنما كان الوعد من الله تعالى ومن موسى الوفاء . ومن الله الأمر ، ومن موسى الائتمار . فكأنما جرت المواعدة بين الله تعالى وبين موسى . وقد يجوز أن تكون المفاعلة من واحد كما يقال سافر ونافق . ويقال : أربعين ليلة كانت ثلاثين ليلة منها من ذي القعدة وعشراً من ذي الحجة . وقال بعضهم : ثلاثين كانت من ذي الحجة وعشراً من المحرم وكانت مناجاته يوم عاشوراء . وروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنه قال : لما وعدهم موسى أربعين ليلة عدت بنو إسرائيل عشرين يوماً وعشرين ليلة ، وقالوا : قد تمت أربعون ولم يرجع موسى ، فقد خالفنا . وذكر أن السامري قال لهم : إنكم استعرتم من نساء آل فرعون حليهم ولم تردوه عليهم ، فلعل الله تعالى لم يرد علينا موسى لهذا المعنى فهاتوا ما عندكم من الحلي حتى نحرقه ، فلعل الله يرد إلينا موسى فجمعوا ذلك الحلي ، وكان السامري صائغاً فاتخذ من ذلك عجلاً ، وقد كان قبل ذلك رأى جبريل - عليه السلام - على فرس الحياة ، فكلما وضع حافره أخضر ذلك الموضع فرفع من تحت سنبكه قبضة من التراب ، ونفخ ذلك التراب في العجل فصار ذلك عجلاً جسداً له خوار . وروي عن ابن عباس أنه قال : صار عجلاً له لحم ودم وفيه حياة له خوار . وروي عن علي أنه قال : اتخذ عجلاً جسداً مشبكاً من ذهب له خوار ، فدخل الريح في جوفه وخرج من فيه كهيئة الخوار فقال للقوم ( هذا إلهكم وإله موسى فنسي ) يعني أن موسى أخطأ الطريق . وقال بعضهم : كان موسى وعدهم ثلاثين ليلة ، فتم ميقات ربه أربعين ليلة لأنه قد أفطر من الصيام في تلك العشرة لأنه ظهر لهم الخلاف في تلك العشرة وهذا الطريق أوضح . قوله تعالى : { ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ } أي عبدتم العجل من بعد انطلاق موسى إلى الجبل { وَأَنتُمْ ظَـٰلِمُونَ } أي كافرون بعبادتكم العجل . ويقال : وأنتم ضارون أنفسكم بعبادتكم العجل : { ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّنْ بَعْدِ ذٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي تركناكم من بعد عبادتكم العجل ، فلم نستأصلكم { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } أي لكي تشكروا الله تعالى على العفو والنعمة . قوله : { وَإِذْ ءاتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَـٰبَ } أي أعطينا موسى التوراة { وَٱلْفُرْقَان } أي الفارق بين الحلال والحرام ويقال : الفرقان هو النصرة بدليل قوله تعالى : { يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ } [ الأنفال : 41 ] أي يوم النصرة . ويقال : الفرقان هو المخرج من الشبهات ويقال : هو انفلاق البحر بدليل قوله : { وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ } [ البقرة : 50 ] وقال الفراء : في الآية مضمر ، ومعناه : وآتينا موسى الكتاب يعني التوراة وأعطينا محمداً الفرقان ، فكأنه خاطبهم فقال : قد أعطيناكم علم موسى وعلم محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلم سائر الأنبياء قوله { لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } أي لكي تهتدوا من الضلالة .