Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 74-75)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذٰلِكَ } قال الزجاج : تأويل قست في اللغة أي غلظت ويبست ، فتأويل القسوة في القلب ذهاب اللين والرحمة والخشوع . وقوله : { مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } قد قيل : من بعد إحياء الميت ، ويحتمل بعد الآيات التي ذكرت ، نحو مسخ القردة والخنازير ورفع الجبل وتفجير الأنهار من الحجر وغير ذلك . وقال بعض الحكماء : معنى قوله : { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ } أي يبست ويبس القلب أن ييبس عن ماءين ؛ أحدهما : ماء خشية الله . والثاني : ماء شفقة الخلق . [ ثم قال تعالى : { فَهِىَ كَٱلْحِجَارَةِ } وكل قلب لا يكون فيه خشية الله تعالى فهو كالحجارة . { أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } قال بعضهم : بل أشد قسوة ؛ مثل قوله تعالى : { إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } [ الصافات : 147 ] بمعنى بل يزيدون ، وكقوله ] { كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } [ النحل : 77 ] أي [ بل هو أدنى ] وقال بعضهم : معناه وأشد قسوة الألف زائدة . وقال الزجاج : أو للتخيير يعني إن شئتم شبهتم قسوتها بالحجارة أو بما هو أشد قسوة فأنتم مصيبون كقوله تعالى : { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ } [ البقرة : 19 ] ثم قال تعالى : { وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَـٰرُ } فأعذر الحجارة وعاب قلوبهم حين لم تلن بذكر الله ولا بالموعظة فقال : { وَإِنَّ مِنَ ٱلْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ ٱلأَنْهَـٰرُ } يعني الحجر الذي منه العيون في الجبل . ويقال أراد به حجر موسى - عليه السلام - الذي كان يخرج منه العيون { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ } أي من الحجارة ما يتصدع { فَيَخْرُجُ مِنْهُ ٱلْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } ويقال : كل حجر يتردى من رأس الجبل إلى الأرض فهو من خشية الله ويقال : أراد به الجبل الذي صار دكاً حين كلم الله موسى - عليه السلام - ويقال : هو جميع الجبال وما يزول الحجر من مكانه إلا من خشية الله تعالى . وقال بعضهم : هو على وجه المثال يعني لو كان له عقل لهبط من خشية الله تعالى وهو قول المعتزلة وهو خلاف أقاويل أهل التفسير . قوله تعالى : { وَمَا ٱللَّهُ بِغَـٰفِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } قرأ ابن كثير وابن عامر ( يعملون ) بالياء والباقون بالتاء . واختلفوا في مواضع أخرى قرأ حمزة والكسائي في كل موضع ( وما الله بغافل عما تعملون ) بالياء . وفي كل موضع ( وما ربك بغافل عما تعملون ) بالتاء . واختلفت الروايات عن غيرهما . وهذا كلام التهديد ، يعني أن الله تعالى يجازيكم بما تعملون فيحذركم بذلك . ثم ذكر التعزية للنبي - صلى الله عليه وسلم - لكيلا يحزن على تكذيبهم إياه ، وأخبره أنهم من أهل السوء الذين مضوا فقال تعالى : { أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ } قال ابن عباس : يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة . وقال بعضهم : أراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، أفتطمعون أن يصدقوكم { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ } فإن أراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، فمعناه أفتطمع أن يصدقوك ، وقد يذكر لفظ الجماعة ويراد به الواحد ، كما قال في آية أخرى { مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ } [ يونس : 83 ] وقال تعالى : { إِنَّ قَـٰرُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ } [ القصص : 76 ] وقال تعالى : { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } [ هود : 14 ] أراد به النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة كذلك ها هنا . ثم قال : { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ } قال في رواية الكلبي : يعني السبعين الذين ساروا مع موسى - عليه السلام - إلى طور سيناء فسمعوا هناك كلام الله تعالى فلما رجعوا قال سفهاؤهم . إن الله أمر بكذا بخلاف ما أمرهم فذلك قوله تعالى : { وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَـٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُحَرّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أي غيروه من بعد ما حفظوه وفهموه . وقال بعضهم : إنما أراد به الذين يغيرون التوراة . وقال بعضهم : يغيرون تأويله وهم يعلمون .