Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 161-163)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ } قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم " يَغُل " بنصب الياء ، وقرأ الباقون [ " يُغَل " بضم الياء ] ونصب الغين . فمن قرأ بالنصب معناه : وما كان لنبي أن يخون في الغنيمة ، ومن قرأ بالضم ، فمعناه : لا ينسب إلى الغلول وذلك أنه لما كان يوم أحد أخذوا في النهب والغارة ، وتركوا القتال وخافوا أن تفوتهم الغنيمة وظنوا أن من أخذ شيئاً يكون له ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقسم لهم ، فنزلت هذه الآية : { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ } ، يقول : ما جاز لنبي أن يخون في الغنيمة ، وما جاز لأصحابه أن ينسبوه إلى الخيانة ، { وَمَن يَغْلُلْ } ( أي يخن ) في الغنيمة { يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يعني يحمله على ظهره . وهذا كما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لأعرفن أحدكم يوم القيامة يأتي على عنقه شاة لها ثغاء [ فيقول ] : يا محمد فأقول : لا أملك لك من الله شيئاً ، يريد أن من غل شاة أو بقرة أتى بها يوم القيامة يحملها . ويقال : من غلّ شيئاً في الدنيا ، يمثل له يوم القيامة في النار ، ثم يقال له : انزل إليه فَخُذْه ، فيهبط إليه ، فإذا انتهى إليه حمله ، فكلما انتهى به إلى الباب سقط منه إلى أسفل جهنم ، فيرجع فيأخذه ، فلا يزال ( كذلك ) ما شاء الله . ويقال : يأت بِمَا غَلَّ : يعني تشهد عليه يوم القيامة تلك الخيانة والغلول . ويقال : هذا على سبيل ( التمثيل ) يأت بما غل { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } أي بوباله فيكون وباله على عنقه ، كما قال في آية أخرى : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } [ الأنعام : 31 ] . ثم قال تعالى : { ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ } أي توفى وتجازي كل نفس { مَّا عَمِلَتْ } من خير أو شر { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } يعني لا ينقصون من ثواب أعمالهم شيئاً . { أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوٰنَ ٱللَّهِ } قال الكلبي : يعني أفمن أخذ الحلال من الغنيمة { كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ ٱللَّهِ } يعني : كمن استوجب سخطاً من الله بأخذ الغلول من الغنائم . ثم بين مستقر كل من غل ( يوم القيامة ) ، ومن أخذ من الحلال فقال لمن غل : { وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } الذي صاروا إليه يعني النار . وقال ( في حق من ) أخذ الحلال : { هُمْ دَرَجَـٰتٌ عِندَ ٱللَّهِ } يعني لهم درجات في الجنة عند الله [ ويقال : هم ذوو درجات عند الله ] . { وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } أي بمن غل وبمن لم يغل . وقال القتبي : هي طبقات - عند الله - في الفضل ، فبعضهم أرفع من بعض . وقال أبو عبيدة والكسائي : لهم درجات عند الله . ويقال : لمن لم يغل درجات في الجنة ، ولمن غل درجات في النار .