Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 164-168)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ } أي أنعم الله ( عليهم ) { إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ } يعني من أصلهم ونسبهم من العرب يعرفون نسبه . ويقال : " من أنفسهم " يعني من جنسهم ، من بني آدم ، ولم يجعله من الملائكة ، وإنما خاطب بذلك المؤمنين خاصة ، لأن المؤمنين هم الذين صدقوه فكأنه منهم . وقرىء في الشاذ : من ( أَنفسكم ) بنصب الفاء ، أي من ( أشرفهم ) ، وقد كانت له فضيلة في ثلاثة أشياء : أحدها : أنه كان من نسب شريف ، لأنهم اتفقوا : أن العرب أفضل ، ثم من العرب قريش [ ثم من قريش بنو هاشم ] فجعله من بني هاشم . والثاني : أنه كان أميناً فيهم قبل الوحي ، [ والثالث : أنه كان أمياً ] لكي لا يرتاب فيه الافتعال . ثم قال : { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتِهِ } أي يعرض عليهم القرآن { وَيُزَكّيهِمْ } [ يعني : يأخذ منهم الزكاة ليطهر أموالهم ويقال : ويزكيهم يعني ، يطهرهم من الذنوب والشرك ، ويقال : ] ويزكيهم أي ( يأمرهم ) بكلمة الإخلاص ، وهي قول لا إله إلا الله { وَيُعَلّمُهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } يعني القرآن ، و " الحكمة " أي الفقه ، وبيان الحلال والحرام { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } أي وقد كانوا من قبل مجيء محمد - صلى الله عليه وسلم - لفي خطأ بَيِّن . ثم رجع إلى قصة أحد ، وذكر التعزية للمؤمنين بما أصابهم من الجراحات ، فقال : { أَوَ لَمَّا أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ } يعني يوم أُحد { قَدْ أَصَبْتُمْ مِّثْلَيْهَا } يوم بدر لأن المسلمين يوم بدر قتلوا سبعين نفساً من صناديد قريش ، وأسروا سبعين ، وقتل من المسلمين يوم أحد سبعين ، ولم يؤسر منهم أحد ، فذلك قوله تعالى : { قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا } وقوله : { أَوَلَمَّا } فالألف للاستفهام ، والواو للعطف ، " وما " صلة فكأنه قال : ولئن متم ، أو قتلتم ، أو أصابتكم مصيبة يوم أحد ، قد أصبتم مثليها يوم بدر ، { قُلْتُمْ : أَنَّىٰ هَـٰذَا } يعني قلتم فمن أين لنا هذا ، وكيف أصابنا هذا ونحن مسلمون . { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } أي من عند قومكم ، بمعصية الرماةِ بتركهم ما أمرهم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال الضحاك : هو من عند أنفسكم ، يعني بذنوبكم التي سلفت منكم قبل القتال ، يعني أن في ذلك تطهيراً لما سلف من ذنوبكم ، وهو قوله تعالى : { وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [ الشورى : 30 ] . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } من النصرة والهزيمة { وَمَا أَصَـٰبَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ } فبإذن الله أي جمع المسلمين [ وجمع ] المشركين { فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي فبإرادة الله أصابكم { وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } { وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ } يعني أصابتكم المصيبة ، لكي يظهر المؤمن من المنافق ، ثم بين أمر المنافقين وصنيعهم وقلة حسبتهم في أمر الجهاد فقال : { وَقِيلَ لَهُمْ : تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ } يعني ، إن لم تقاتلوا لوجه الله ، فقاتلوا دفعاً عن أنفسكم وحريمكم ، قال الكلبي : ويقال : ادفعوا يعني كثروا [ وقال القتبي : " ادفعوا " أي كثروا ] ، لأنكم إذا كثرتم [ ثم ] دفعتم القوم [ بكثرتكم ] { قَالُواْ : لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَـٰكُمْ } { هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَـٰنِ } يعني أن ميلهم إلى الكفر أقرب من ميلهم إلى الإيمان وقوله { لاَّتَّبَعْنَـٰكُمْ } أي لجئنا معكم . " قال الضحاك : وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما خرج يوم أحد أبصر كتيبة خثناء ، وفيها كبكبة من الناس ، فقال : " من هؤلاء " ؟ فقيل : يا نبي الله هؤلاء حلفاء عبد الله بن أبي ، فقال : " إنا لا نستعين بالكفار " فرجع عبد الله مع حلفائه من اليهود ، فقال له عمر : أقم مع المؤمنين ، فقال : لو نعلم قتالاً لاتبعناكم ويقال : إن عونهم للكفار أكثر من عونهم للمؤمنين { يَقُولُونَ بِأَفْوٰهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } ذكر الأفواه على معنى التأكيد ، لأن الرجل يقول بالمجاز بالإشارة ، وهذا كما قال : { يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَـٰبَ بِأَيْدِيهِمْ } [ البقرة : 79 ] ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ } من النفاق والكفر ، ونزل فيهم أيضاً : { ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوٰنِهِمْ } من المنافقين { وَقَعَدُواْ } عن الجهاد { لَوْ أَطَاعُونَا } في القعود عن الجهاد { مَا قُتِلُوا } في الغزو { قُلْ } ( لهم ) يا محمد { فَادْرَءُواْ عَنْ أَنفُسِكُمُ } في حال حضور { ٱلْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَـٰدِقِينَ } في مقالتكم . قال الفقيه : سمعت بعض المفسرين بسمرقند يقول : لما نزلت هذه الآية : { فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ } مات يومئذ سبعون نفساً من المنافقين .