Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 45-52)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال عز وجل : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } يعني : ما بين أيديكم من أمر الآخرة . فاعملوا لها ، وما خلفكم من أمر الدنيا فلا تغتروا بها ، وقال مقاتل : { ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ } لكيلا يصيبكم مثل عذاب الأمم الخالية { وَمَا خَلْفَكُمْ } يعني : واتقوا ما بين أيديكم أي : من عذاب الآخرة ، والأول قول الكلبي ثم قال : { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } يعني : لكي ترحموا فلا تعذبوا { وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايَـٰتِ رَبّهِمْ } مثل انشقاق القمر { إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } يعني : مكذبين وهذا جواب لقوله عز وجل : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ } الآية ، ثم أخبر عن حال زنادقة الكفار فقال عز وجل : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رِزَقَكُمُ ٱللهُ } يعني : تصدقوا من المال الذي أعطاكم الله عز وجل . { قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاء ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ } على وجه الاستهزاء منهم { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ } يعني : في خطأ بين ، قال بعضهم هذا قول الكفار الذين أمرهم بالنفقة وقال بعضهم : هذا قول الله تعالى يعني قل لهم يا محمد ، إن أنتم إلا في ضلال مبين ، وروي عن ابن عباس مثل هذا ثم قال عز وجل : { وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } يعني : متى هذا الوعد الذي تعدونا به يوم القيامة إن كنتم صادقين بأنا نبعث بعد الموت فيقول الله تعالى : { مَا يَنظُرُونَ } بالعذاب { إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً } يعني : لا حظر لإهلاكهم فليس إلا صيحة واحدة { تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ } قرأ عاصم في رواية أبي بكر ، يخصمون بكسر الياء والخاء ، وقرأ نافع يخصمون بنصب الياء وسكون الخاء وقرأ الكسائي وعاصم في رواية حفص وابن عامر في إحدى الروايتين بنصب الياء وكسر الخاء ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بنصب الياء والخاء وقراءة حمزة ( يَخْصِمُونَ ) بنصب الياء وجزم الخاء بغير تشديد ، ومعناه تأخذهم وبعضهم يخصم بعضاً ، ومن قرأ بالتشديد فالأصل فيه يختصمون فأدغمت التاء في الصاد وشددت ومن قرأ بنصب الخاء طرح فتحة التاء على الخاء ، ومن قرأ بكسر الخاء فلسكونها وسكون الصاد . وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص لينفخن في الصور والناس في طرقهم ، وأسواقهم حتى أن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يرسله واحد منهما حتى ينفخ في الصور فيصعق به ، وهي التي قال الله تعالى : { مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصّمُونَ } قال الفقيه أبو الليث رحمه الله وأخبرني الثقة بإسناده عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " تقوم الساعة والرجلان يتبايعان الثوب فلا يطويانه ولا يتبايعانه ، وتقوم الساعة والرجل يحلب الناقة فلا يصل الإناء إلى فيهِ ، وتقوم الساعة وهو يلوط الحوض فلا يسقي فيه " ثم قال تعالى : { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً } يعني : يموتون من ساعتهم بغير وصية فلا يستطيعون أن يوصوا إلى أهلهم بشيء { وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } يعني : ولا إلى منازلهم يرجعون من الأسواق . فأخبر الله تعالى بما يلقون ( في النفخة الأولى ) ثم أخبر بما يلقون في النفخة الثانية يعني : إذا بعثوا من قبورهم بعد الموت ، فذلك قوله { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مّنَ ٱلأَجْدَاثِ } من القبور { إِلَىٰ رَبّهِمْ يَنسِلُونَ } يعني : يخرجون من قبورهم أحياء وكان بين النفختين أربعين عاماً في رواية ابن عباس وقيل أكثر من ذلك ، ورفع العذاب عن الكفار بين النفختين ، فكأنهم رقدوا فلما بعثوا { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } يعني : من أيقظنا من منامنا قال : فيقول لهم الحفظة من الملائكة { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } على ألسنة الرسل { وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } بأن البعث حق ، ويقال إن المؤمنين هم الذين يقولون { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } بأن البعث كائن .