Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 53-58)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال عز وجل : { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وٰحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } قال الكلبي يعني في الآخرة ، وقال مقاتل في بيت المقدس " لحسابهم " ثم قال : { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً } يعني : يوم القيامة لا تنقص نفس مؤمنة ولا كافرة من أعمالهم شيئاً { وَلاَ تُجْزَوْنَ } يعني : ولا تثابون { إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } من خير أو شر ثم قال : { إِنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِى شُغُلٍ فَـٰكِهُونَ } يعني : يوم القيامة في شغل مما هم فيه أي عن الذي هم فيه فاكهون يعني ناعمين ، قرأ ابن كثير ، ونافع وأبو عمرو ( في شغل ) بجزم الغين وقرأ الباقون بالضم وهما لغتان ، يقال شغْل وشغُل مثل عُذْر وعذُر وعمْر وعمر ، قرأ أبو جعفر المدني ( فكهون ) بغير ألف . وقراءة العامة ( فاكهون ) بالألف فمن قرأ بغير ألف يعني : يتفكهون ، قال أبو عبيد يقال للرجل إذا كان يتفكه بالطعام أو بالشراب ، أو بالفاكهة ، أو بأعراض الناس إن فلاناً يتفكه ، ومنه يقال للمزاحة فكاهة ، ومن قرأ بالألف يعني ذوي فاكهة وقال الفراء : فاكهة ، وفكهة لغتان ، كما يقال حذر وحاذر ، وروي في التفسير { فَـٰكِهُونَ } يعني ناعمون ، وفكهون : معجبون ، وقال الكلبي ومقاتل في قوله : { إِنَّ أَصْحَـٰبَ ٱلْجَنَّةِ } الآية ، يعني شغلوا بالنعيم في افتضاض لأبكار العذارى عن أهل النار فلا يذكرونهم ، يعني معجبين بما هم فيه من النعم والكرامة ، قال الفقيه أبو الليث رحمه الله : حدّثنا محمد بن الفضل بإسناده عن عكرمة في قوله { فِى شُغُلٍ فَـٰكِهُونَ } قال في افتضاض الأبكار وروى زيد بن أرقم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الرجل ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع ، فقال رجل من أهل الكتاب إن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة فقال الرسول : يفيض من جسد أحدهم عرق مثل المسك الأذفر فيضمر بذلك بطنه " ثم قال تعالى : { هُمْ وَأَزْوٰجُهُمْ فِى ظِلَـٰلٍ } قرأ حمزة والكسائي ( فِي ظُللٍ ) وقرأ الباقون ( فِي ظِلَـٰلٍ ) ، فمن قرأ ( فِي ظُلَلٍ ) فهو جمع الظلة ، يقال ظلة وظلل ، مثل حلة وحلل ، ومن قرأ بكسر الظاء فهو جمع الظل ، يعني هم في ظلال العرش والشجر ، ويقال معنى القراءتين يرجع إلى شيء واحد ، يعني إن أهل الجنة هم وأزواجهم الحور العين في القصور { عَلَى ٱلأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } يعني : على السرر عليها الحجال ، وروى مجاهد عن ابن عباس قال : الأرائك سرر في الحجال وقال الكلبي : لا تكون أريكة إلا إذا اجتمعتا ، فإذا تفرقا فليست بأريكة { مُتَّكِئُونَ } أي ناعمون ، وإنما سمي هذا لأن الناعم يكون متكئاً ، ثم قال : { لَهُمْ فِيهَا فَـٰكِهَةٌ } يعني : لهم في الجنة من أنواع الفاكهة { وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } يعني : ما يتمنون مما يشتهوا من الخير { سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } يعني : يرسل إليهم ربهم بالتحية والسلام ، والعرب تقول : ادّعي ما شئت يدعون : يتمنون فقوله عز وجل : " سلام قولا " يعني : يقال لهم سلام ، كأنهم يتلقونه بالسلام من رب رحيم ، ويقال { وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ سَلَـٰمٌ } يعني : لهم ما يشاؤون خالصاً ، ثم قال : { قَوْلاً مّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } .