Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 6-10)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لّتُنذِرَ } يعني لتخوف بالقرآن { قَوْماً مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ } يعني كما أنذر آباؤهم الأولون { فَهُمْ غَـٰفِلُونَ } عن ذلك ، يعني عما أنذر آباؤهم ثم قال عز وجل : { لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ } أي وجب القول بالعذاب { عَلَىٰ أَكْثَرِهِمْ } أي على الكفار ، ويقال لقد حق القول ، وهو قوله { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [ الأعراف : 18 ] ويقال : القول كناية عن العذاب ، أي وجب عليهم العذاب { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } يعني لا يصدقون بالقرآن { إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } قال مقاتل : نزلت في بني مخزوم ، وذلك أن أبا جهل حلف لئن رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليدفعنه بحجر ، فأتاه وهو يصلي فرفع الحجر ليدمغه ، فيبست يده إلى عنقه ، والتزق الحجر بيده ورجع إلى أصحابه ، فخلصوا الحجر من يده ، ورجل آخر من بني المغيرة أتاه ليقتله فطمس الله على بصره فلم ير النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمع قوله ، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه ، فذلك قوله تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً فَهِيَ إِلَى ٱلأَذْقَـٰنِ فَهُم مُّقْمَحُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } وذكر في رواية الكلبي نحو هذا ، وقال بعضهم { إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } أي نجعل في أعناقهم أغلالاً يوم القيامة ، ويقال : معناه { إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } أي جعلنا أيديهم ممسكة عن الخيرات مجازاة لكفرهم { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً } أي حائلاً لا يهتدون إلى الإسلام ، ولا يبصرون الهدى ، وقال بعضهم : { إِنَّا جَعَلْنَا فِى أَعْنـٰقِهِمْ أَغْلَـٰلاً } يعني أيديهم ، ولم يذكر في الآية اليد ، وفيها دليل لأن الغل لا يكون إلا باليد إلى العنق ، فلما ذكر العنق فكأنما ذكر اليد ، وروي عن ابن عباس ، وابن مسعود أنهما قرآ : إنا جعلنا في أيمانهم أغلالاً ، وقرأ بعضهم : في أيديهم وكل ذلك يرجع إلى معنى واحد ، لأنه لا يجوز أن يكون الغل بأحدهما دون الآخر ، كقوله : { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } [ النحل : 81 ] ولم يذكر البرد لأن في الكلام دليلاً عليه ثم قال : { فَهِىَ إِلَى ٱلأَذْقَـٰنِ فَهُم مُّقْمَحُونَ } ( أي رددنا أيديهم إلى أعناقهم ) إلى الأَذقان ، أي الحنك الأيسر { فَهُم مُّقْمَحُونَ } أي رافعو الرأس إلى السماء ، غاضو الطرف ، لا يبصر موضع قدميه ، وقال قتادة : أي مغلولين من كل خير ثم قال عز وجل { وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً } أي ظلمة { ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً } أي ظلمة { فَأغْشَيْنَـٰهُمْ } بالظلمة { فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ وَسَوَآء عَلَيْهِمْ } الآية ، يعني خوفتهم ، اللفظ لفظ الاستفهام والمراد به التوبيخ { وَسَوَآء عَلَيْهِمْ أَءنذَرْتَهُمْ } يعني خوفتهم { أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } يعني أم لم تخوفهم لا يصدقون ، إنما نزلت الآية في شأن الذين ماتوا على كفرهم ، أو قتلوا على كفرهم ، قرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص { سَدّاً } بنصب السين في كلاهما ، وقرأ الباقون بالضم ، وقال أبو عبيدة قراءتنا بالضم لأنهما من فعل الله تعالى ، وليس من فعل بني آدم ، وقال القتبي : المقمح الذي يرفع رأسه ويغض بصره ، يقال بعير قامح : إذا روي من الماء فقمحت عيناه وقال : والسد : الجبل { فَأغْشَيْنَـٰهُمْ } يعني أعمينا أبصارهم عن الهدى .