Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 19-40)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال عز وجل : { فَإِنَّمَا هِىَ زَجْرَةٌ وٰحِدَةٌ } يعني : صيحة ونفخة واحدة ، ولا يحتاج إلى الأخرى { فَإِذَا هُم } يعني : الخلائق { يَنظُرُونَ } يعني : يخرجون من قبورهم وينظرون إلى السماء كيف غيرت والأرض كيف بدلت ، فلما عاينوا البعث ذكروا قول الرسل : إن البعث حق { وَقَالُواْ يٰوَيْلَنَا هَـٰذَا يَوْمُ ٱلدّينِ } يعني يوم الحساب ، ويقال يوم الجزاء ، فردت عليهم الحفظة ويقولون { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ ٱلَّذِى كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ } أنه لا يكون ، ثم ينادي المنادي { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } يعني : سوقوا الذين كفروا { وَأَزْوٰجُهُمْ } يعني : وأشباههم ، ويقال وقرناءهم وضرباءهم ، ويقال وأشياعهم وأعوانهم ، ويقال وأمثالهم { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني : من الشياطين الذين أضلوهم ، ويقال كل معبود وكل من يطاع في المعصية { فَٱهْدُوهُمْ } يعني : ادعوهم جميعاً ويقال اذهبوا بهم وسوقوهم جميعاً { إِلَىٰ صِرٰطِ ٱلْجَحِيمِ } يعني : إلى طريق الجحيم ، والجحيم : ما عظم من النار ، ويقال : إلى وسط الجحيم ، فلما انطلق بهم إلى جهنم أرسل الله عز وجل ملكاً يقول { وَقِفُوهُمْ } أي احبسوهم { إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } عن ترك قول لا إلٰه إلاَّ الله ، ويقال في الآية تقديم يعني يقال لهم قفوا قبل ذلك ، فحبسوا أو سئلوا ثم يساق بهم إلى الجحيم فيقال لهم { مَا لَكُمْ لاَ تَنَـٰصَرُونَ } يعني : لم ينصر بعضكم بعضاً ولا يدفع بعضكم عن بعض كما كنتم تفعلون في الدنيا قوله عز وجل : { بَلْ هُمُ ٱلْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ } أي خاضعون ذليلون { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } يعني : يسأل ويخاصم بعضهم بعضاً القادة والسفلة ، والعابد والمعبود ومتابعي الشيطان للشيطان ، ويقال : يتساءلون يعني يتلاومون ، { قَالُواْ } يعني : السفلة للرؤساء { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } يعني : من قبل الحق أي الدين فزينتم لنا ضلالتنا ، وروي عن الفراء أنه قال : { ٱلْيَمِينِ } في اللغة القوة والقدرة ، ومعناه إنكم كنتم تأتوننا بأقوى الحيل وكنتم تزينون علينا أعمالنا ، وقال الضحاك : تقول السفلة للقادة إنكم قادرون وظاهرون علينا ، ونحن ضعفاء أذلاء في أيديكم ، روى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال { تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } عن الحق ، يعني : الكفار يقولون للشيطان ، وقال القتبي : إنما يقول هذا المشركون لقرنائهم من الشياطين { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } يعني : عن أيماننا ، لأن إبليس قال : { لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَـٰنِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ } [ الأعراف : 17 ] وقال المفسرون : من أتاه الشيطان من قبل اليمين أتاه من قبل الدين وليس عليه الحق ، ومن أتاه من قبل الشمال أتاه من قبل الشهوات ، ومن أتاه من بين يديه أتاه من قبل التكذيب بالقيامة ، ومن أتاه من خلفه خوفه الفقر على نفسه وعلى من يخلف بعده ، فلم يصل رحماً ، ولم يؤد زكاة ، وقال المشركون لقرنائهم إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين في الدنيا من جهة الدين ، يعني أضللتمونا { قَالُواْ } لهم قرناؤهم { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } أي لم تكونوا على حق فتشبه عليكم ونزيلكم عنه إلى الباطل { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ } يعني : من قدرة فنقهركم ، ويقال من ملك فنجبركم عليه { بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَـٰغِينَ } يعني : كافرين عاصين { فَحَقَّ عَلَيْنَا } يعني : وجب علينا جميعاً { قَوْلُ رَبّنَا } وهو السخط ، ويقال قول ربنا يوم قال لإبليس { لأَمْلاّنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص : 85 ] { إِنَّا لَذَائِقُونَ } يعني : العذاب جميعاً في النار ، قوله عز وجل : { فَأَغْوَيْنَـٰكُمْ } يعني : أضللناكم عن الهدى { إِنَّا كُنَّا غَـٰوِينَ } يعني : ضالين يقول الله تعالى : { فَإِنَّهُمْ } يعني : الكفار والشياطين { يَوْمَئِذٍ فِى ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } يعني : شركاء في النار وفي العذاب يوم القيامة { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } يعني : هكذا نفعل بمن أشرك ، فنجمع بينهم وبين الذين أضلّوهم في النار ، ثم أخبر عنهم فقال { إِنَّهُمْ كَانُواْ } يعني : في الدنيا { إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } يعني : قولوا لا إلٰه إلا الله { يَسْتَكْبِرُونَ } عنها ولا يقولونها { وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا } يعني : أنترك عبادة آلهتنا { لِشَاعِرٍ } يعني : لقول شاعر { مَّجْنُونٍ } أي مغلوب على عقله ، يقول الله تعالى { بَلْ جَاء بِٱلْحَقّ } يعني : بالقرآن ، ويقال : بأمر التوحيد ، ويقال جاء ببيان الحق { وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } الذين قبله ، قال مقاتل يعني : صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - بالمرسلين الذين قبله ، وقال الكلبي : وبتصديق المرسلين الذين قبله ومعناهما واحد . ويقال معناه جاء محمد عليه السلام بموافقة المرسلين عليهم السلام { إِنَّكُمْ } يعني : العابد والمعبود { لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } يعني : لتصيبوا العذاب الوجيع الدائم { وَمَا تُجْزَوْنَ } في الآخرة { إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } يعني : إلا بما كنتم تعملون في الدنيا من المعاصي والشرك ثم استثنى المؤمنين فقال عز وجل : { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } يعني : الموحدين ، ويقال إلا بمعنى لكن عباد الله المخلصين .