Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 41-56)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } يعني : طعام معلوم معروف حين يشتهونه على قدر غدوة وعشية ، ثم بين الرزق فقال { فَوٰكِهُ } يعني : ألوان الفاكهة { وَهُم مُّكْرَمُونَ } بالثواب ، ويقال منعمون { فِي جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } في الزيارة { يُطَافُ عَلَيْهِمْ } يعني : يطوف عليهم خدمهم { بِكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ } يعني : خمراً جارياً ( من معين ) يعني : الطاهر الجاري بيضاء يعني : بخمرة توجب اللذة { بَيْضَاء لَذَّةٍ } يعني : شهوة { لِلشَّارِبِينَ ، لاَ فِيهَا غَوْلٌ } يعني : ليس فيها إثم ويقال لا غائلة لها ، ولا يوجع منها الرأس ، وروى شريك عن سالم قال لا فيها غول أي لا مكروه فيها ولا أذى ، وقال القتبي لا فيها غول أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها . يقال : الخمر غول للحلم ، والحرب غول للنفوس ، والغول البعد { وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } قرأ حمزة والكسائي ( يُنزِفُونَ ) بكسر الزاي ، وقرأ الباقون بالنصب ، فمن قرأ بالنصب فمعناه لا يذهب عقولهم شربها ويقال للسكران نزيف ، ومنزوف إذا زال عقله ، ومن قرأ بالكسر فله معنيان : أحدهما لا ينفذ شرابهم أبداً ، والثاني أنهم لا يسكرون ثم قال عز وجل : { وَعِندَهُمْ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ عِينٌ } يعني : غاضات الأعين عن غير أزواجهن ، يعني : قصرن طرفهن على أزواجهن وقنعن بهم ولا يبغين بهم بدلاً ثم قال : ( عين ) أي حسان الأعين شدة البياض في شدة السواد ، يقال لواحدة العين عيناء يعني : كبيرة العين ، ويقال الحسن العيناء التي سواد عينها أكثر من بياضها ثم قال : { كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ } يعني : إنهن أحسن بياضاً من بيض النعم ، والعرب تشبه النساء ببيض النعام ، يقال لا يكون لون البياض في شيء أحسن من بيض النعام وقال قتادة البيض التي لم تلوثه الأيدي ، ويقال البيض أراد به القشر الداخل من البيض ، المكنون قد خبأ وكنَّ من البرد والحر { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ } يعني : يسأل بعضهم بعضاً عن حاله في الدنيا قوله عز وجل : { قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ } يعني : من أهل الجنة { إِنِّى كَانَ لِى قَرِينٌ } وهو الذي بيّن الله تعالى أمرهما في سورة الكهف { جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَـٰبٍ } [ الكهف : 32 ] فكانا أخوين وشريكين وأنفق أحدهما ماله في أمر الآخرة ، واتخذ الآخر لنفسه ضياعاً وخدما ، واحتاج المؤمن إلى شيء ، فجاء إلى أخيه الكافر يسأله ، فقال له الكافر ما صنعت بمالك ؟ فأخبره أن قدمه إلى الآخرة ، فقال له الكافر { يِقُولُ أَءنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدّقِينَ } يعني : إنك ممن يصدق بالبعث ، وطلب منه أن يدخل في دينه ، ولم يقض حاجته ، فذلك قوله { أَءنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُصَدّقِينَ } يعني : بالبعث بعد الموت قوله عز وجل : { أَءذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَـٰماً أَءنَّا لَمَدِينُونَ } يعني : لمحاسبون ، فيقول المؤمن لأصحابه في الجنة { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } حتى ننظر إلى حاله وإلى منزله ، فيقول أصحابه : اطلع أنت فإنك أعرف به منا { فَٱطَّلَعَ } يعني : فنظر في النار { فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } يعني : رأى أخاه في وسط الجحيم أسود الوجه مزرق العين ، فيقول المؤمن عند ذلك قوله : { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } يعني : والله لقد هممت لتغويني ولتضلني ، ويقال : لتردين أي لتهلكني ، يقال أرديت فلان : أي أهلكته ، والردى : الموت والهلاك ، وقال القتبي في قوله { إِنَاْ لَمَدِينُونَ } أي مجازون بأعمالنا ، يقال : دنته بما عمل : أي جازيته .