Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 45-64)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال عز وجل : { وَٱذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرٰهِيمَ } فجعل العبد نعت إبراهيم خاصة ، كأنه قال واذكر عبدنا ، قرأ ابن كثير واذكر ( عَبْدَنَا ) بغير ألف ، وقرأ الباقون ( عِبَادَنَا ) بالألف ، فمن قرأ عبدنا فمعناه ( وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا إِبْرَاهِيمَ فجعل العبد نعتاً لإبراهيم خاصة فكأنه قال { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا إِبْرَاهِيمَ } واذكر { إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } ومن قرأ { عِبَادِنَا } يعني ما بعده مع إِبْرَاهِيمَ ، وَإِسْحَاقَ ، ويَعْقُوبَ { أُوْلِى ٱلأَيْدِى وَٱلأَبْصَـٰرِ } يعني أولي القوة في العبادة ، والأبصار يعني ذوي البصر في أمر الله تعالى قوله عز وجل { إِنَّا أَخْلَصْنٰهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى ٱلدَّارِ } يعني اختصصناهم بذكر الله تعالى ، وبذكر الجنة وليس لهم هم إلا هم الآخرة ، ويقال معناه : واذكر صبر إبراهيم ، وصبر إسحاق ، وصبر يعقوب ، ولم يذكر صبر إسماعيل لأنه لم يبتلَ بشيء ، قرأ نافع ( بِخَالِصَةِ ) بغير تنوين على معنى الإضافة ، وقرأ الباقون مع التنوين ، وروي عن مالك ابن دينار أنه قال : نزع الله ما في قلوبهم من حب الدنيا وذكرها وقد أخلصهم بحسب الآخرة وذكرها ، ومن قرأ ( بِخَالِصَةٍ ) بالتنوين ، جعل قوله : { ذِكْرَى ٱلدَّارِ } بدلاً من خالصة ، والمعنى إنا أخلصناهم بذكر الدار ، والدار هاهنا دار الآخرة ، يعني جعلناهم لنا خالصين ، بأن جعلناهم يكثرون ذكر الدار والرجوع إلى الله تعالى ثم قال عز وجل : { وَإِنَّهُمْ عِندَنَا لَمِنَ ٱلْمُصْطَفَيْنَ ٱلأَخْيَارِ } يعني المختارين للرسالة ، الأخيار في الجنة ثم قال { وَٱذْكُرْ إِسْمَـٰعِيلَ } قال مقاتل : واذكر صبر إسماعيل وهو أشمويل بن هلفانا ، وقال غيره هو إسماعيل بن إبراهيم ، يعني اذكر لقومك صبر إسماعيل ، وصدق وعده { وَٱلْيَسَعَ ، وَذَا ٱلْكِفْلِ } واليسع كان خليفة إلياس ، وذا الكفل كفل مائة نبي أطعمهم وكساهم { وَكُلٌّ مّنَ ٱلأَخْيَارِ هَـٰذَا ذِكْرُ } يعني هذا الذي ذكرنا من الأنبياء عليهم السلام في هذه السورة ذكر يعني بيان لعظمته { وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ } من هذه الأمة { لَحُسْنَ مَـئَابٍ } يعني حسن المرجع . ثم وصف الجنة فقال عز وجل { جَنَّـٰتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ ٱلأبْوَابُ } يعني تفتح لهم الأبواب فيدخلونها يعني الجنة ، كما قال تعالى في آية أخرى : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَٰبُهَا } [ الزمر : 73 ] فإذا دخلوها وجلسوا على السرر ، وكانوا { مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَـٰكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ } يعني ألوان الفاكهة ، والشراب { وَعِندَهُمْ قَـٰصِرٰتُ ٱلطَّرْفِ } يعني غاضات أعينهن عن غير أزواجهن { أَتْرَابٌ } يعني ذات أقران أي مستويات على سن واحد { هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } يقول { إِنَّ هَذَا } يعني إن هذا الثواب الذي توعدون بأنه يكون لكم في يوم الحساب وقرأ ابن كثير ، وأبو عمر ، بالياء على معنى الاخبار عنهم ، وقرأ الباقون بالتاء على معنى المخاطبة ، يقول الله تعالى { إِنَّ هَـٰذَا لَرِزْقُنَا } يعني إن هذا الذي ذكرنا لعطاؤنا للمتقين { مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ } يعني لا يكون له فناء ، ولا انقطاع عنهم ، وهذا كما قال تعالى : { لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ } [ الواقعة : 33 ] ثم قال : { هَـٰذَا } يعني هذا الرزق للمتقين ، فيتم الكلام عند قوله { هَـٰذَا } ثم ذكر ما أوعد الكفار فقال عز وجل : { وَإِنَّ لِلطَّـٰغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } يعني للكافرين لبئس المرجع لهم في الآخرة ، ثم بين مرجعهم فقال عز وجل { جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا } يعني يدخلونها { فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } يعني فبئس موضع القرار { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ } يعني هذا العذاب لهم فليذوقوه { حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } وهو ماء حار قد انتهى حره ، قرأ حمزة والكسائي وحفص غسَّاق ، بتشديد السين ، وقرأ الباقون بالتخفيف ، وعن عاصم روايتان ، رواية حفص بالتشديد ، ورواية أبي بكر بالتخفيف ، فمن قرأ بالتشديد : فهو بمعنى سيال وهو ما يسيل من جلود أهل النار ، ومن قرأ بالتخفيف : جعله مصدر غسق يغسق غساقاً ، أي سال ، وروي عن ابن عباس ، وابن مسعود ، أنهما قرآ غساق بالتشديد ، وفسراه بالزمهرير ، وقال مقاتل : الغساق ، البارد الذي انتهى برده ، وقال الكلبي : الحميم : هو ماء حار قد انتهى حره وأما غساق فهو الزمهرير ، يعني برد يحرق كما تحرق النار ، وقال بعضهم الغساق : المنتن بلفظ الطحاوية ثم قال عز وجل { وَءاخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوٰجٌ } يعني وعذاب آخر من نحوه يعني من نحو الحميم ، والزمهرير ، قرأ أبو عمر ، وابن كثير في إحدى الروايتين ( وَأُخَر من شكله ) بضم الألف ، وقرأ الباقون ( وَآخَر ) بالنصب ، فمن قرأ بالضم فهو لفظ الجماعة ومعناه وأنواع أخر ، ومن قرأ ( وَأَخَرَ ) بنصب الألف بلفظ الواحد يعني وعذاب آخر من شكله ، أي مثل عذابه الأول { أَزْوٰجٌ } يعني ألوان { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ } يعني جماعة داخلة معكم النار يقال : اقتحم إذا دخل في المهالك ، وأضلوا الدخول ، تقول الخزنة للقادة وهذه جماعة داخلة معكم النار وهم الاتباع { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } يعني لا وسع الله لهم { إِنَّهُمْ صَالُو ٱلنَّارِ } يعني داخل النار معكم فردت الاتباع على القادة { قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } يعني لا وسع الله عليكم { أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } يعني أسلفتموه لنا وبدأتم بالكفر قبلنا فاتبعناكم { فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } يعني بئس موضع القرار في النار قوله عز وجل { قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا } الأمر هذا الذي كنا فيه { فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِى ٱلنَّارِ ، وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مّنَ ٱلأَشْرَارِ } يعني فقراء المسلمين . قوله عز وجل : { أَتَّخَذْنَـٰهُمْ سِخْرِيّاً } قرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو عمرو ( سخرياً اتخذناهم ) بالوصل ، وقرأ الباقون بالقطع فمن قرأ بالقطع فهو على معنى الاستفهام بدليل قوله { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ } لأن أم تدل على الاستفهام ، ومن قرأ بالوصل فمعناه أنا أتخذناهم سخرياً ، وجعل أم بمعنى بل ، وقرأ حمزة والكسائي ونافع ( سُخْرِيّاً ) بضم السين ، وقرأ الباقون بالكسر ، قال القتبي : فمن قرأ بالضم جعله من السخرة يعني تستذلهم ، ومن قرأ بالكسر فمعناه إنا كنا نسخر منهم ، ثم قال { أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَـٰرُ } يعني مالت وحادت أبصارنا عنهم فلا نراهم ، قال الله سبحانه وتعالى { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ } يعني يتكلم به أهل النار ويتخاصمون فيما بينهم .