Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 11-20)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال عز وجل : { قُلْ إِنّى أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدّينَ } وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ألا تنظر إلى ملة أبيك عبد الله ، وملة جدك عبد المطلب ، وسادات قومك يعبدون الأصنام ، فنزل : { قُلْ } يا نبي الله إِنّى أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ يعني التوحيد { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } من أهل بلدي { قُلْ إِنِّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى } وعبدت غيره ينزل علي { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي في يوم القيامة { قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ } يعني أعبد الله { مُخْلِصاً لَّهُ دِينِى } أي توحيدي { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مّن دُونِهِ } من الآلهة وهذا كقوله { لَكُمْ دِينُكُمْ } [ الكافرون : 6 ] ويقال : { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مّن دُونِهِ } لفظه لفظ التخبير والأمر ، والمراد به التهديد والتخويف ، كقوله { ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُم مِن دُونِهِ } وكقوله : { قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً } ويقال : قد بين الله ثواب المؤمنين وعقوبة الكافرين ، ثم قال : فاعبدوا ما شئتم من دونه وذلك قبل أن يؤمر بالقتال ، فلما أيسوا منه أن يرجع إلى دينهم قالوا خسرت إن خالفت دين آبائك ، فقال الله تعالى { قُلْ إِنَّ ٱلْخَـٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يعني أنتم الخاسرون لا أنا ، ويقال الذين خسروا أنفسهم بفوات الدرجات ولزوم الشركات { أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } يعني الظاهر ، حيث خسروا أنفسهم وأهلهم وأزواجهم { لَهُمْ مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ ٱلنَّارِ } يعني أطباقاً من نار { وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ } يعني مهاداً من نار ، أو معناه أن فوقهم نار ، وتحتهم نار { ذٰلِكَ يُخَوّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ } أي ذلك الذي ذكر يخوف الله به عباده في القرآن لكي يؤمنوا { يَٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } أي فوحدون ، وأطيعون { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّـٰغُوتَ } قال مقاتل : يعني اجتنبوا عبادة الأوثان ، وقال الكلبي : الطاغوت يعني الكهنة { أَن يَعْبُدُوهَا } يعني أن يطيعوها ، ورجعوا إلى عبادة ربهم { وَأَنَابُواْ إِلَى ٱللَّهِ } أي أقبلوا إلى طاعة الله ويقال : رجعوا من عبادة الأوثان إلى عبادة الله { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ } يعني الجنة ، ويقال الملائكة يبشرونهم في الآخرة { فَبَشّرْ عِبَادِ ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ } يعني القرآن { فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } يعني يعملون بحلاله ، وينتهون عن حرامه ، وقال الكلبي : يعني يجلس الرجل مع القوم فيستمع الأحاديث محاسن ومساوىء ، فيتبع أحسنه فيأخذ المحاسن فيحدث بها ، ويدع مساوئه ، ويقال يستمعون القرآن ويتبعون أحسن ما فيه ، وهو القصاص والعفو ، يأخذ العفو لقوله { وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّـٰبِرينَ } [ النحل : 126 ] ، ( وقال بعضهم : يستمع النداء ، فيستجيب ويسرع إلى الجماعة وقال بعضهم : يستمع الناسخ والمنسوخ ، والمحكم من القرآن فيعمل بالمحكم ، ويؤمن بالناسخ والمنسوخ ) ثم قال : { أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ } أي وفقهم الله لمحاسن الأمور ، ويقال { هَدَاهُمُ ٱللَّهُ } أي أكرمهم الله تعالى بدين التوحيد { وَأُوْلَـئِكَ هُمْ أُوْلُو ٱلأَلْبَـٰبِ } يعني ذوي العقول قوله عز وجل : { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } يعني وجب له العذاب ، ويقال أفمن سبق في علم الله تعالى أنه في النار ، كمن لا يجب عليه العذاب { أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى ٱلنَّارِ } يعني تستنقذ من هو في علم الله تعالى أنه يكون في النار بعمله الخبيث ، ويقال : من وجبت له النار ، وقدرت عليه ، ثم ذكر حال المؤمنين المتقين فقال عز من قائل : { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ } يعني وحدوا ربهم ، وأطاعوا ربهم ، { لَهُمْ غُرَفٌ مّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ } في الجنة ، وهي العلالي ، غرف مبنية مرتفعة بعضها فوق بعض { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ وَعْدَ ٱللَّهِ } في القرآن { لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ } .