Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 46-53)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم - { قُلِ ٱللَّهُمَّ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } صار نصباً بالنداء ، يعني يا خالق السماوات والأرض { عَـٰلِمَ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } يعني عالماً بما غاب عن العباد ، وما لم يغب عنهم ، ويقال عالماً بما مضى ، وما لم يمض ، وما هو كائن ، ويقال : عالم السر والعلانية { أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ } يعني أنت تقضي في الآخرة بين عبادك { فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } من أمر الدين { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي كفروا { مَّا فِى ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ } أي مثل ما في الأرض { لاَفْتَدَوْاْ بِهِ } أي لفادوا به أنفسهم { مِن سُوء ٱلْعَذَابِ } أي من شدة العذاب { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } وفي الآية مضمر ، أي لا يقبل منهم ذلك { وَبَدَا لَهُمْ مّنَ ٱللَّهِ } أي ظهر لهم حين بعثوا من قبورهم { مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } في الدنيا أنه نازل بهم ، يعني يعملون أعمالاً يظنون أن لهم فيها ثواباً فلم تنفعهم مع شركهم ، فظهرت لهم العقوبة مكان الثواب { وَبَدَا لَهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَـسَبُواْ } أي عقوبات ما عملوا { وَحَاقَ بِهِم } أي نزل بهم عقوبة { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } يعني باستهزائهم بالمسلمين ، ويقال باستهزائهم بالرسول ، والكتاب ، والعذاب ، { فَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ضُرٌّ دَعَانَا } يعني أصاب الكافر شدة وبلاء ، وهو أبو جهل ، ويقال جميع الكفار دعانا أي أخلص في الدعاء { ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَـٰهُ } أي بدلنا وأعطيناه مكانها عافية { نِعْمَةً مّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ } أي على علم عندي ، يعني أعطاني ذلك لأنه علم أني أهل لذلك ، ويقال : معناه على علم عندي ، بالدواء { بَلْ هِىَ فِتْنَةٌ } أي بلية وعطية يبتلى بها العبد ، ليشكر أو ليكفر { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أن إعطائي ذلك بلية ، وفتنة { قَدْ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } يعني قال تلك الكلمة ، الذين من قبل كفار مكة ، مثل قارون وأشباهه { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } يعني لم ينفعهم ما كانوا يجمعون من الأموال { فَأَصَـٰبَهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } أي عقوبات ما عملوا ، قوله { وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـؤُلاَء } يعني من أهل مكة { سَيُصِيبُهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } يعني عقوبات ما عملوا ، مثل ما أصاب الذين من قبلهم { وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ } أي غير فائتين من عذاب الله { أَوَ لَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء } أي يوسع الرزق لمن يشاء { وَيَقْدِرُ } أي يقتر على من يشاء { إِنَّ فِى ذَلِكَ } يعني في القبض والبسط { لآيَاتٍ } أي لعلامات لوحدانيتي { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي يصدقون بتوحيد الله { قُلْ يٰعِبَادِى ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } يعني أسرفوا بالذنوب على أنفسهم ، قرأ نافع ، وابن كثير وعاصم ، وابن عامر قُلْ يا عِبَادِيَ بفتح الياء ، والباقون بالإرسال ، وهما لغتان ، ومعناهما واحد { لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } أي لا تيأسوا من مغفرة الله { إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } الكبائر ، وغير الكبائر ، إذا تبتم { إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ } لمن تاب { ٱلرَّحِيمُ } بعد التوبة لهم ، وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة قال : أصاب قوم في الشرك ذنوباً عظاماً فكانوا يخافون أن لا يغفر الله لهم ، فدعاهم الله تعالى بهذه الآية { يٰعِبَادِىَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ } وقال مجاهد : يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم بقتل الأنفس في الجاهلية ، وقال في رواية الكلبي نزلت الآية في شأن وحشي ، يعني أسرفوا على أنفسهم بالقتل والشرك والزنى ، لا تيأسوا { مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً } لمن تاب وقال ابن مسعود أرجى آية في كتاب الله هذه الآية وهكذا قال عبد الله بن عمرو بن العاص ، وروي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال : فيها عظة .