Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 38-45)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } فعل ذلك { قُلْ أَفَرَايْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني ما تعبدون من دون الله من الآلهة { إِنْ أَرَادَنِىَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ } يعني إنْ أصابني الله ببلاء ، ومرض في جسدي ، وضيق في معيشتي ، أو عذاب في الآخرة { هَلْ هُنَّ كَـٰشِفَـٰتُ ضُرّهِ } يعني هل تقدر الأصنام على دفع ذلك عني { أَوْ أَرَادَنِى بِرَحْمَةٍ } أي بنعمة وعافية وخير { هَلْ هُنَّ مُمْسِكَـٰتُ رَحْمَتِهِ } يعني هل تقدر الأصنام على دفع تلك الرحمة عني ، قرأ أبو عمر كَاشِفَاتٌ بالتنوين ضُرَّهُ بالنصب مُمْسِكَاتٌ بالتنوين رَحْمَتَهُ بالنصب ، والباقون بغير تنوين وكسر ما بعده على وجه الإضافة ، فمن قرأ بالتنوين نصب ضره ورحمته لأنه مفعول به { قُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ } يعني يكفيني الله من شر آلهتكم ، ويقال : حسبي الله يعني : أثق به { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } أي فوضت أمري إلى الله { عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكّلُونَ } أي يثق به الواثقون ، فأنا متوكل ، وعليه توكلت { قُلْ يٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } أي في منازلكم ويقال ( عَلَى مَكَانَتِكُمْ ) أي على قدر طاقتكم وجهدكم { إِنِّى عَـٰمِلٌ } في إهلاككم لأنهم قالوا له إن لم تسكت عن آلهتنا نعمل في إهلاكك فنزل { قُلْ يٰقَوْم ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } إهلاكي في مكانتكم { إِنّى عَـٰمِلٌ } في إهلاككم { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } من نجا ، ومن هلك ، قرأ عاصم في رواية أبي بكر مكاناتكم بلفظ الجماعة والباقون مكانتكم والمكانة ، والمكان واحد { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } أي من يأتيه عذاب الله يهلكه { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } أي دائم لا ينقطع أبداً { إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ لِلنَّـاسِ بِٱلْحَقِّ } يعني أنزلنا عليك جبريل بالقرآن ، للناس بالحق ، يعني لتدعو الناس إلى الحق ، وهو التوحيد { فَمَنُ ٱهْتَدَىٰ } أي وحد وصدق بالقرآن ، وعمل بما فيه { فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ } أي ثواب الهدى لنفسه { وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } يعني أعرض ولم يؤمن بالقرآن فقد أوجب العقوبة على نفسه { وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } يعني ما أنت يا محمد عليهم بحفيظ ، ويقال بمسلط وهذا قبل أن يؤمر بالقتال { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ حِينَ مِوْتِـهَا } قال الكلبي : الله يقبض الأنفس عند موتها { وَٱلَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِـهَا } فيقبض نفسها إذا نامت أيضاً { فَيُمْسِكُ ٱلَّتِى قَضَىٰ عَلَيْهَا ٱلْمَوْتَ } فلا يردها { وَيُرْسِلُ ٱلأُخْرَىٰ } التي لم تبلغ أجلها { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي يردها إلى أجلها ، وقال مقاتل { ٱللَّهُ يَتَوَفَّى ٱلأَنفُسَ } عند أجلها ، والتي قضى عليها الموت ، فيمسكها عن الجسد ، على وجه التقديم ، والتي لم تمت في منامها فتلك الأخرى التي أرسلها إلى الجسد إلى أجل مسمى ، وقال سعيد بن جبير : الله يقبض أنفس الأحياء والأموات ، فيمسك أنفس الأموات ، ويمسك أنفس الأحياء إلى أجل مسمى { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } أي يعتبرون ، قرأ حمزة والكسائي قُضِيَ عليها بضم القاف وكسر الضاد وفتح الياء ، وبضم التاء في الموت ، على فعل ما لم يسم فاعله ، والباقون : ( قَضَى عَلَيْهَا ) بالنصب ، يعني قضى الله عليها الموت ، ونصب الموت ، لأنه مفعول به { أَمِ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } الميم صلة معناه اتخذوا ، فاللفظ لفظ الاستفهام ، والمراد به التوبيخ والزجر ، فقال أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ الله { شُفَعَاء } يعني يعبدون الأصنام لكي تشفع لهم { قُلْ أَوَ لَّوْ كَانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ } يعني يعبدونهم وإن كانوا لا يعقلون شيئاً { قُل لِلَّهِ ٱلشَّفَـٰعَةُ جَمِيعاً } أي قل يا محمد لله الأمر والإذن في الشفاعة ، وهذا كقوله { مَن ذَا ٱلَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] وكما قال : { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ } [ طه : 109 ] ثم قال : { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } يعني خزائن السموات والأرض ، ويقال نفاذ الأمر في السموات والأرض ، وله نفاذ الأمر في السموات والأرض { ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } في الآخرة { وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ } يعني إذا قيل لهم قولوا : لا إلٰه إلا الله اشمأزت قال مقاتل : يعني انقبضت عن التوحيد ، وقال الكلبي أعرضت ونفرت ، وقال القتبي : العرب تقول : اشمأز قلبي من فلان أي نفر منه { قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ } يعني لا يصدقون بيوم القيامة { وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِ } يعني الآلهة { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } بذكرها ، وذلك أنه حين قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة النجم وذكر آلهتهم استبشروا .