Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 71-75)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال : { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ كَـفَرُواْ } أي يساق الذين كفروا { إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَراً } يعني أمة أمة ، فوجاً فوجاً ، وواحدتها زمرة { حَتَّىٰ إِذَا جَاءوهَا } يعني جهنم { فُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } وقال أصحاب اللغة : جهنم في أصل اللغة : جهنام ، وهي بئر لا قعر لها ، فحذفت الألف وشددت النون فسميت جهنم ، قرأ حمزة والكسائي وعاصم فُتِحَتْ بتخفيف التاء ، والباقون بالتشديد ، فمن قرأ بالتشديد ، فلتكثير الفعل ، ومن قرأ بالتخفيف فعلى فعل الواحد ، وكذلك الاختلاف في الذي بعده { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا } أي خزنة جهنم ، وواحدها خازن ، وقال القتبي : الواو قد تزاد في الكلام ، والمراد به حذفه ، كقوله : { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } [ الأنبياء : 96 - 97 ] يعني اقترب ، وكقوله { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ } يعني قال لهم ، وهذا في كلام العرب ظاهر ، كما قال امرؤ القيس : فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ، يعني انتحى ، بغير واو ، ثم قال : { أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ } يعني آدمياً مثلكم تفهمون كلامه { يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايَـٰتِ رَبّكُمْ } يعني يقرؤون عليكم ما أوحي إليهم { وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } يعني أنهم يخوفونكم بهذا اليوم ، فكأنه يقول لهم يا أشقياء ألم يأتكم رسل منكم ؟ فأجابوه { قَالُواْ بَلَىٰ } فيقرون بذلك في وقت لا ينفعهم الاقرار ، ولو كان قولهم بلى في الدنيا لكان ينفعهم ولكنهم قالوا بلى في وقت لا ينفعهم { وَلَـٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي وجبت كلمة العذاب في علم الله السابق أنهم من أهل النار ، ويقال وجبت كلمة العذاب وهي قول الله تعالى { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } [ الأعراف : 18 ] { قِيلَ ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } أي دائمين فيها { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبّرِينَ } أي بئس موضع القرار لمن تكبر عن الإيمان ، ثم بين حال المؤمنين المطيعين فقال تعالى { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ } يعني اتقوا الشرك والفواحش { إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } يعني فوجاً فوجاً ، بعضم قبل الحساب اليسير وبعضهم بعد الحساب الشديد ، على قدر مراتبهم { حَتَّىٰ إِذَا جَاءوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } يعني وقد فتحت أبوابها ، ويقال { وَفُتِحَتْ أَبْوٰبُهَا } قبل مجيئهم تكريماً وتبجيلاً لهم ، ويقال الواو زيادة في الكلام ، ويقال هذه الواو منسوقة على قوله فتحت كما يقال في الكلام دخل زيد وعمرو { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَـٰلِدِينَ } أي فزتم ونجوتم ، ويقال طابت لكم الجنة ، وقال بعض أهل العربية في الآية دليل على أن أبواب الجنة ثمانية ، لأنه قد ذكر بالواو وإنما يذكر بالواو إذا بلغ الحساب ثمانية ، كما قال في آية أخرى : { سَيَقُولُونَ ثَلَـٰثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } [ الكهف : 22 ] فذكر الواو عند الثمانية ، وكما قال : { ٱلتَّـٰئِبُونَ ٱلْعَـٰبِدُونَ } [ التوبة : 112 ] فذكرها كلها بغير واو ، فلما انتهى إلى الثمانية قال { وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلْمُنكَرِ } [ التوبة : 112 ] . وقال في آية أخرى { مُسْلِمَـٰتٍ مُّؤْمِنَـٰتٍ } [ التحريم : 5 ] ثم قال عند الثمانية { وَأَبْكَاراً } [ التحريم : 5 ] وعرف أن أبواب جهنم سبعة بالآية ، وهي قوله لها سبعة أبواب وقال أكثر أهل اللغة ليس في الآية دليل ، لأن الواو قد تكون عند الثمانية ، وقد تكون عند غيرها ، ولكن عرف أن أبوابها ثمانية بالأخبار ، ثم أنهم لما دخلوا الجنة حمدوا الله تعالى { وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ } يعني الشكر لله { ٱلَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ } يعني أنجز لنا وعده على لسان رسله { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ } يعني أنزلنا أرض الجنة { نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء } أي ننزل في الجنة ونستقر فيها حَيْثُ نَشَاءُ ونشتهي { فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ } أي ثواب الموحدين المطيعين { وَتَرَى ٱلْمَلَـٰئِكَةَ حَافّينَ } أي ترى يا محمد الملائكة يوم القيامة محدقين { مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ } أي يسبحونه ويحمدونه { وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقّ } أي بين الخلق ، وهو تأكيد لما سبق من قوله وجيء بالنبيين والشهدآء وقضي بينهم بالحق { وَقِيلَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } يعني لما قضي بينهم بالحق ، أي بالعدل ، وميزوا من الكفار حمدوا الله تعالى ، وقالوا الحمد لله رب العالمين ، الذي قضى بيننا بالحق ، ونجانا من القوم الظالمين وقال مقاتل : ابتدأ الدنيا بالحمد لله رب العالمين وهو قوله { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِى خَلَق ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ } ، وختمها بقوله { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } .