Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 105-109)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ بِٱلْحَقِّ } يعني أنزلنا عليك جبريل عليه السلام ليقرأ عليك القرآن بالعدل ، والأمر والنهي { لِتَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِمَا أَرَاكَ ٱللَّهُ } أي بما أعلمك الله ، وألهمك ، وبما أوحي إليك ، { وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ خَصِيماً } ولا تكن للسارقين معيناً . وروى محمد بن إسحق ، عن عاصم بن عمر ، عن جده قتادة بن النعمان قال : كان بنو أبيرق ، وكانوا ثلاثة بشر ، وبشير ، ومبشر ، فكان بشر يكنى ، أبا طعمة ، وكان شاعراً ، وكان منافقاً ، وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يقول : قال فلان ، وكان لعمي رفاعة بن زيد علية فيها طعام ، وسلاح ، فطرقه بشر من الليل ، فأخذ ما فيها من الطعام والسلاح ، فلما أصبح عمي دعاني وقال لي : إنه أغير علينا الليلة ، فقلت : من فعله ؟ فقال : بشير وأخوه فجئت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته أن بشيراً قد سرق من عمي الطعام والسلاح ، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه ، وأما السلاح فليردوه علينا ، فجاء قومه ، وكانوا أهل لسان وبيان فقالوا : إن رفاعة وابن أخيه عمدوا إلى أهل بيت منا يتهمونهم بالسرقة ، فوقع قولهم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - موقعاً ، فبين الله خيانتهم فنزل : { وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ خَصِيماً } وهو ابن طعمة ، وقال الضحاك " سرق طعمة بن أبيرق اليهودي درعاً للزبير بن العوام ، فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال للزبير : لا بد لك من أن تأتي على ذلك بحجة قيمة ، وشهادة صحيحة " فأنزل الله تعالى تصديقاً لقوله { وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ خَصِيماً } . وقال مقاتل : سرق طعمة بن أبيرق المنافق درعاً من يهودي فلما جاءوا إلى بيته بالأثر رمى الدرع في دار رجل من الأنصار ، وأنكر فجاء قومه ليبرؤه من السرقة ، فنزلت هذه الآية ، وقال الكلبي : سرق طعمة بن أبيرق درعاً من جار له يقال له : قتادة بن النعمان ، فوضعه عند رجل من اليهود يقال له : زيد بن السمين ، وأنكر السرقة ، فجاء قومه يخاصمون عنه ، فنزلت هذه الآية : { وَلاَ تَكُنْ لّلْخَائِنِينَ خَصِيماً } . قوله تعالى : { وَٱسْتَغْفِرِ ٱللَّهِ } عن جدالك ، عن طعمة حين جادلت عنه ، { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } . ثم قال تعالى : { وَلاَ تُجَـٰدِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ } يقول : ولا تخاصم عن الذين يضرون أنفسهم بالسرقة { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً } أي خائناً بالسرقة ، فاجراً برميه على غيره . ثم قال تعالى : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ } . قال الضحاك : لما سرق الدرع اتخذ حفرة في بيته ، وجعل الدرع تحت التراب فنزل : يستخفون من الناس بالتراب { وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ } يقول : لا يخفى مكان الدرع على الله { وَهُوَ مَعَهُمْ } أي رقيب حفيظ عليهم . ويقال : يستخفون : يعني يستترون من الناس ، وهم قوم طعمة ، ولا يستخفون من الله ، يقال : ولا يقدرون أن يستتروا من الله { وَهُوَ مَعَهُمْ } يعني عالماً بهم وبخيانتهم . { إِذْ يُبَيّتُونَ } يقول إذ يؤلفون ، ويغيرون { مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } يقول : ما لا يرضوا لأنفسهم من القول ، وهم سرقوا ، ويقال : ما لا يرضي الله ولا يحبه ، ثم قال : { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } أي عالماً بهم وبخيانتهم . ثم أقبل على قوم طعمة فقال : { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاءِ } يقول : ها أنتم هؤلاء { جَـٰدَلْتُمْ } أي خاصمتم { عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ، فَمَن يُجَـٰدِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } يقول : فمن يخاصم الله عنهم يوم القيامة . { أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } أي ، كفيلاً ، ويقال : خصيماً . وقال الضحاك : أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقيم الحد على طعمة بن أبيرق وكان طعمة مطاعاً في اليهود ، فجاءت اليهود شاكين في السلاح ، وهربوا بطعمة وجادلوا عنه فنزل ثم ها أنتم هؤلاء ، يعني اليهود … الآية .