Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 116-121)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } قال الضحاك : وذلك أن شيخاً من الأعراب جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إني شيخ منهمك في الذنوب والخطايا ، إلا أني لم أشرك بالله شيئاً مذ عرفته وآمنت به ، ولم أتخذ من دونه ولياً ، ولم أواقع المعاصي جرأة على الله ، ولا مكابرة له ، وإني لنادم ، وتائب مستغفر ، فما حالي عند الله ، فأنزل الله تعالى { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } ، { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } ويقال : نزل في شأن وحشي وقد ذكرناه من قبل . { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ } أي من يعبد غير الله { فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً بَعِيداً } يعني فقد ضل عن الهدى ضلالاً بعيداً عن الحق . ثم قال تعالى ، في ذم الكفار وبين جهلهم فقال : { إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَـٰثاً } يقول : ما يعبدون من دون الله إلا أصناماً أمواتاً ، وهذا قول ابن العباس ، وعن الحسن أنه قال : الإناث الشيء الميت الذي ليس فيه روح ، وقال السدي : سموها إناثاً : اللات ، والعزى ، ومناة . ثم قال تعالى : { وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَـٰناً مَّرِيداً } وذلك أن الشيطان كان يدخل في الصنم ، ويكلمهم ، وهم يعبدون الصنم ، وفيه الشيطان ، ويقال : إبليس زين لهم عبادة الأصنام ، وإذا عبدوا بإذنه فكأنهم عبدوا الشيطان ، ثم قال : مريداً : أي مارداً ، مثل قدير ، وقادر ، والمارد : العاتي ويقال : كل فاسد مفسد يكون مريداً أي يكون فاسداً لنفسه ويفسد غيره ، ثم قال تعالى : { لَّعَنَهُ ٱللَّهُ } يعني طرده الله من رحمته ، وهو إبليس حيث لم يسجد لآدم ، فلما لعنه { وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً } أي حظاً معلوماً ، قال مقاتل : يعني من كل ألف واحد في الجنة ، وسائرهم في النار ، فهذا نصيب مفروض ، ثم قال : { وَلأُضِلَّنَّهُمْ } يعني عن الهدى والحق { وَلأُمَنّيَنَّهُمْ } يعني لأخبرنهم بالباطل ، أنه لا جنة ولا نار ، ولا بعث { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلأَنْعَـٰمِ } وهي البحيرة ، وذلك أن أهل الجاهلية ، كانوا يشقون آذان الأنعام ويسمونها بحيرة ، وذكر قصتهم في سورة المائدة . ثم قال : { وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيّرُنَّ خَلْقَ ٱللَّهِ } قال عكرمة : هو الخصاء ، وهكذا روي عن ابن عباس ، وأنس بن مالك وروي عن سعيد بن جبير قال : هو دين الله ، وهكذا قال الضحاك ومجاهد ، وقيل لمجاهد : أن عكرمة يقول : هو الخصاء ، فقاله : ماله ، لعنه الله وهو يعلم أنه غير الخصاء ، فبلغ ذلك عكرمة فقال : هو فطرة الله . وقال الزجاج : إن الله تعالى خلق الأنعام ليركبوها ، فحرموها على أنفسهم وخلق الشمس والقمر والحجارة ، مسخرة للناس ، فجعلوها آلهة يعبدونها فقد غيروا خلق الله عز وجل ، { وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيْطَـٰنَ وَلِيّاً } أي يعبد الشيطان ويطيعه { مِن دُونِ ٱللَّهِ } ، يعني ترك أمر الله تعالى وطاعته { فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً } أي ضل ضلالاً مبيناً بيناً عن الحق . ثم قال تعالى : { يَعِدُهُمْ } يعني الشيطان يخوفهم بالفقر ، حتى لا يصلوا رحماً ، ولا ينفقوا في خير { وَيُمَنّيهِمْ } أي يخبرهم بالباطل ، أنه لا ثواب لهم في ذلك العمل { وَمَا يَعِدُهُمْ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُوراً } أي باطلاً . قوله تعالى : { أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } يعني الذين يطيعون الشيطان مصيرهم إلى جهنم { وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً } أي مفراً ومهرباً .