Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 125-127)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فقال تعالى : { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ } أي أخلص دينه { لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } في عمله . ويقال : وهو موحد { واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرٰهِيمَ حَنِيفاً } أي مستقيماً ، ويقال : مائلاً إلى دين الإسلام ، ثم قال تعالى : { وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبْرٰهِيمَ خَلِيلاً } وذلك أن إبراهيم - عليه السلام - كان يوسع على الضعفاء الطعام ، واحتاج في بعض الأوقات إلى الطعام ، فبعث غلمانه مع الجمال إلى خليل له بمصر ، ليقرضه شيئاً من الطعام فيرد عليه إذا أدرك إنزاله ، فلما انتهوا إليه قال : إني أخاف أن أحتاج قبل إدراك الإنزال ، فلم يدفع إليهم ، ورجعوا ، فاستحيا الغلامان أن يدخلوا في قرية إبراهيم والناس ينظرون إليهم ، وليس معهم شيء ، فجعلوا الرحل في الجواليق ، وحملوا على الجمال ، وجاءوا إلى منزل إبراهيم - عليه السلام - وألقوا الأحمال ، وتفرقوا وجاء واحد منهم ، وأخبر إبراهيم بالقصة ، فاغتم لذلك ، ودخل البيت ونام ، فخرجت جواريه ، ونظرن إلى الأحمال ، فإذا الجواليق دقيق ، فرفعن منها ، وجعلن يخبزن خبزاً ، حتى إذا استيقظ إبراهيم - عليه السلام - وخرج وقال : من أين هذا الدقيق ؟ فقلن من عند خليلك المصري ، فقال إبراهيم : ليس هذا من عند خليلي المصري ، ولكن من عند خليل السماء ، فاتخذه الله تعالى خليلاً بذلك . ويقال : لما دخلت عليه الملائكة في شبه الآدميين ، وجاءهم بعجل سمين ، فلم يأكلوا منه ، وقالوا إنا لا نأكل شيئاً بغير ثمن ، فقال لهم : أعطوني ثمنه وكلوه ، قالوا : وما ثمنه ، قال : أن تقولوا في أوله بسم الله وفي آخره الحمد لله ، فقالوا فيما بينهم : حقاً على الله أن يتخذه خليلاً فاتخذه الله خليلاً . ويقال : إنه أضاف رؤساء الكفار ، وأهدى لهم هدايا وأحسن إليهم ، فقالوا له : ما حاجتك ؟ فقال : حاجتي أن تسجدوا لله سجدة ، فسجدوا ، فدعا الله تعالى ، وقال : أللهم إني قد فعلت ما أمكنني ، فافعل أنت ، ما أنت أهل لذلك ، فوفقهم الله تعالى للإسلام فاتخذه الله خليلاً لذلك . وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إتخذ الله إبراهيم خليلاً ، لإطعامه الطعام ، وإفشائه السلام ، وصلاته بالليل والناس نيام " ثم قال عز وجل : { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } كلهم عبيده ، وفي ملكه وحكمه نافذ فيهم { وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلّ شَيْءٍ مُّحِيطاً } أحاط علمه بكل شيء قوله تعالى : { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنّسَاء } أي يسألونك عن ميراث النساء ، نزلت في أم كجة التي ذكرنا في أول السورة { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } أي يبين لكم ما لهن من الميراث { وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَـٰبِ } أي وكتاب الله يفتيكم بذلك { فِي يَتَـٰمَى ٱلنّسَاء } يعني في ميراث يتامى النساء { ٱلَّلَـٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ } لا تعطونهن { مَا كُتِبَ لَهُنَّ } أي ما فرض لهن من الميراث { وَتَرْغَبُونَ } أي وتزهدون { أَن تَنكِحُوهُنَّ } لدمامتهن . وروى معمر عن إبراهيم قال : كان الرجل يكون عنده اليتيمة الدميمة ولها مال ، ويكره أن يزوجها من غيره ، من أجل مالها ، قال إبراهيم : وكان عمر يأمر الرجل إذا كانت عنده اليتيمة الدميمة ، ولها مال أن يتزوجها . وروى عروة عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : كانت يتيمة في حجر رجل ، فأراد أن يتزوجها ، ولم يكمل صداق نصابها ، فأمروا بإكمال الصداق ، وقال مجاهد : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئاً ويقولون : لا يغزون ، ففرض الله لهم الميراث ، وأمر لليتيم بالقسط ، ثم قال تعالى : { وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } يقول : يسألونك عن ميراث المستضعفين { مِنَ ٱلْوِلْدٰنِ } ويقال : يفتيكم في المستضعفين من الولدان { وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَـٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ } أي بالعدل { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ ، فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } يجازيكم وفي هذه الآية دليل على أن ما سوى الأب والجد إذا زوج اليتيمة جاز ، وفيه أنه إذا زوج من نفسه جاز ، إذا كانت غير ذي رحم محرم .