Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 128-130)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَـٰفَتْ } أي علمت { مِن بَعْلِهَا } يعني زوجها { نُشُوزاً } يعني عصياناً في الأثرة { أَوْ إِعْرَاضاً } عنها ، وترك محادثتها ( نزلت في رافع بن خديج ، تزوج امرأة أشب من امرأته خولة بنت محمد بن مسلمة ، وقال في رواية الكلبي : نزلت في ابنة محمد بن مسلمة وفي زوجها أسعد بن الزبير ، تزوجها وهي شابة ، فلما أدبرت وعلاها الكبر ، تزوج عليها امرأة شابة ، وآثرها عليها ، وجفا بنت محمد بن مسلمة ، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه ، فنزل : { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَـٰفَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً } يعني ترك مجامعتها { أَوْ إِعْرَاضاً } يعني يعرض بوجهه ويقل مجالستها ومحادثتها { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } أي لا إثم على الزوج والمرأة { أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً } قرأ أهل الكوفة : عاصم وحمزة والكسائي { أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا } بضم الياء والتخفيف ، وهو من الصلح ، وقرأ الباقون : أن يصالحا بالألف وتشديد الصاد ، لأن أصله وتصالحاً [ فأدغمت ] التاء في الصاد ، وأقيم التشديد مكانه . ثم قال : { وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ } يعني الصلح خير من الفرقة ، ويقال : الصلح خير من النشوز ، ويقال : الصلح خير من الخصومة والخلاف . وروي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى : { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَـٰفَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً } قال : قول الرجل لامرأته أنت كبيرة وإني أريد أن أستبدل بك شابة ، فقري على ولدك ، ولا أقسم لك من نفسي شيئاً ورضيت بذلك ، فذلك الصلح بينهما ، قال : وهذا قول أبي السنابل بن بعكك حين جرى بينهما هذا الصلح ، ثم صارت الآية عامة ، في جواز الصلح الذي يجري فيما بين الناس ، لقوله تعالى : { وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ } . ثم قال تعالى : { وَأُحْضِرَتِ ٱلأَنفُسُ ٱلشُّحَّ } يعني ، الشح حملها على أن تدع نصيبها ، ويقال : شحت المرأة بنصيبها من زوجها ، أن تدعه للأخرى ، وشح الرجل بنصيبه من الأخرى ، وقال مقاتل : طمعها وحرصها يجرها إلى أن ترضى . ثم قال تعالى : { وَإِن تُحْسِنُواْ } يقول تحسنوا إليهن { وَتَتَّقُواْ } الميل والجور { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } في الإحسان والجور . قوله تعالى : { وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنّسَاء } يقول : لن تقدروا أن تسووا بين النساء في الحب ، بين الشابة والكبيرة { وَلَوْ حَرَصْتُمْ } أي ولو جهدتم ، ولكن اعدلوا في القسمة والنفقة { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ } بالنفقة والقسمة إلى الشابة { فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ } بغير قسمة ، كالمسجونة لا أيم ، ولا ذات بعل ، وروي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " " من كان له امرأتان فمال إلى أحدهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل " ، وفي رواية أخرى " وأحد شقيه ساقط " وروى أبو أيوب عن أبي قلابة قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه ، فيعدل في القسمة ، ويقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " ، يعني الحب والجماع . ثم قال تعالى : { وَإِن تُصْلِحُواْ } يعني تصلحوا بينهما بالسوية { وَتَتَّقُواْ } الجور والميل { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } حيث رخص لكم في الصلح . ثم قال عز وجل : { وَإِن يَتَفَرَّقَا } يعني الزوج والمرأة { يُغْنِي ٱللَّهُ كُلاًّ مّن سَعَتِهِ } يعني من رزقه ، وقال مجاهد ، يعني الطلاق . وروي عن جعفر بن محمد ، أن رجلاً شكا إليه الفقر فأمره بالنكاح ، فذهب الرجل وتزوج ، ثم جاء إليه فشكا إليه الفقر ، فأمره بالطلاق فسئل عن ذلك ، فقال : أمرته بالنكاح وقلت : لعله من أهل هذه الآية { إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ ، يُغْنِهِمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [ النور : 32 ] فلما لم يكن من أهل هذه الآية ، قلت : فلعله من أهل هذه الآية : { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ } . وروي عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ : فتذروها كأنها مسجونة . ثم قال : { وَكَانَ ٱللَّهُ وٰسِعاً } يعني واسع الفضل { حَكِيماً } حكم بفرقتهما وتسويتهما .