Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 145-147)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال تعالى : { إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ } المنافق في اللغة اشتقاقه من نافقاء اليربوع ، ويقال : لليربوع جحران ، أحدهما نافقاء ، والآخر قاصعاء ، فيظهر نفسه في أحدهما ويخرج من الآخر ، ولهذا يسمى المنافق منافقاً ، لأنه يظهر من نفسه أنه مسلم ، ويخرج عن الإسلام إلى الكفر . قرأ [ أهل الكوفة ] حمزة والكسائي وعاصم : ( الدرك ) بجزم الراء وقرأ الباقون : بالنصب ، وهما لغتان : الدرك ، والدرك ، وجماعتهما ، أدراك : وهي المنازل بعضها أسفل من بعض ، فأعد للمنافقين الدرك الأسفل من النار ، وهي الهاوية ، ثم قال تعالى : { وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً } أي مانعا يمنعهم من العذاب . ثم قال تعالى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } من النفاق { وَأَصْلَحُواْ } أعمالهم { وَٱعْتَصِمُواْ بِٱللَّهِ } أي تمسكوا بدين الله وبتوحيده { وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للَّهِ } أي بتوحيدهم لله بالإخلاص ، فإن فعلوا ذلك { فَأُوْلَـئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي المصدقين على دينهم ، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم ، ثم قال : { وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي يعطي الله المؤمنين { أَجْراً عَظِيماً } يعني ثواباً عظيماً في الآخرة ، وفي هذه الآية دليل : أن المنافقين هم شر خلق الله ، لأنه أوعدهم الدرك الأسفل من النار ، ثم استثنى لهم أربعة أشياء : التوبة ، والإخلاص ، والإصلاح ، والإعتصام ، ثم قال بعد هذا كله : { فَأُوْلَـئِكَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ولم يقل : هم المؤمنون ، ثم قال : { وَسَوْفَ يُؤْتِ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ولم يقل : سوف يؤتيهم الله ، بغضاً لهم ، وإعراضاً عنهم ، والمنافقون هم الزنادقة والقرامطة الذين هم بين المؤمنين ، يظهرون من أنفسهم الإسلام ، وإذا اجتمعوا فيما بينهم يسخرون بالإسلام وأهله ، فهم من أهل هذه الآية . ومأواهم الهاوية . قوله تعالى : { مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ } أي ما يصنع الله بعذابكم { إِن شَكَرْتُمْ } يعني إن آمنتم بالله تعالى ووحدتموه ، ويقال : معناه ما حاجة الله إلى تعذيبكم لو كنتم موحدين شاكرين له { وَءامَنتُمْ } به وصدقتم رسله ، ثم قال تعالى : { وَكَانَ ٱللَّهُ شَـٰكِراً عَلِيماً } أي شاكراً للقليل من أعمالكم ، عليماً بأعمالكم وثوابكم ، ويقال : شاكراً يقبل اليسير ، ويعطي الجزيل ، عليماً بما في صدوركم ، ويقال : بمن شكر وآمن ، فلا يعذب شاكراً ، ولا مؤمناً .