Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 148-152)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } أي لا يحب أن يذكر بالقول القبيح لأحد من الناس { إِلاَّ مَن ظُلِمَ } فيقتص من القول بمثل ما ظلم ، فلا جناح عليه . نزلت الآية في شأن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - شتمه رجل فسكت أبو بكر مراراً ثم رد عليه - ويقال : { إِلاَّ مَن ظُلِمَ } فيدعوا الله تعالى على ظالمه ، وقال الفراء : { إِلاَّ مَن ظُلِمَ } يعني ولا من ظلم ، وقال السدي : يقول : من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم ، فليس عليه جناح وقال الضحاك : { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوءِ } أي لا يحب لكم أن تنزلوا برجل فإذا ارتحلتم عنه ، تذمون طعامه ، إلا رجلاً أردتم النزول عليه عند حاجتكم فمنعكم ، وقال مجاهد : هو في الضيافة ، إذا دخل الرجل المسافر إلى القوم يريد أن ينزل عليهم ، فلم يضيفوه ، فقد رخص له أن يذكر كلاماً عنهم ، ويقول فيهم ، ويقال : يعني يسبه مثل ما سبه ، ما لم يكن كلاماً فيه حد ، أو كلمة لا تصلح ، ولو لم يقل كان أفضل . وقرأ بعضهم : { إلا من ظلم } متصل بما يفعل الله بعذابكم إلا من ظلم يعني من إشراك بالله ، وهو شاذ من القراءة . ثم قال تعالى : { وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً } أي سميعاً بدعاء المظلوم عليماً بعقوبة الظالم . ثم أخبر عن التجاوز أنه خير من الانتصار فقال تعالى : { إِن تُبْدُواْ خَيْراً } يعني أن تظهروا حسنة { أَوْ تُخْفُوهْ } يعني الحسنة { أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوءٍ } يعني يتجاوز عن ظالمه ، ولا يجهر بالسوء عنه ، فهو أفضل لأن الله تعالى قادر على عباده ، فيعفو عنهم [ وذلك ] قوله : { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً } يعني إن الله أقدر على العقوبة لكم فيعفو عنكم . قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } قال ابن عباس نزلت الآية في أهل الكتاب يؤمنون بموسى وعيسى ويكفرون بغيرهما ، وهو قوله : { وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } يعني يريدون أن يتخذوا ديناً ، لم يأمر به الله ورسوله { وَيقُولُونَ : نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ } بموسى وعزير والتوراة { وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبعيسى والإنجيل ، والقرآن { وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } يعني بين اليهودية والإسلام قوله تعالى : { أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰفِرُونَ حَقّاً } حين كفروا ببعض الرسل { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـٰفِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } يهانون فيه . وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } يعني ، أقروا بوحدانية الله تعالى ، وصدقوا بجميع الرسل { وَلَمْ يُفَرّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ } في الإيمان والتصديق ، يعني لم يكفروا ، ولم يجحدوا بأحد من الأنبياء والرسل - عليهم السلام - ويصدقون بجميع الكتب { أُوْلَـٰئِكَ } يعني أهل هذه الصفة { سَوْف نؤتّيهِمْ أُجُورَهُمْ } أي سنعطيهم ثوابهم في الجنة { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً } لذنوبهم { رَّحِيماً } بهم لما كان منهم في الشرك . قرأ عاصم في رواية حفص : ( يؤتيهم ) بالياء ، وقرأ الباقون ( نؤتيهم ) بالنون .