Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-164)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } يعني أرسلنا إليك جبريل { كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ } يعني كما أرسلنا إلى نوح . ويقال : أوحينا إليك بأن تثبت على التوحيد ، وتأمر الناس بالتوحيد كما أوحينا إلى نوح بأن يثبت على التوحيد ، ويدعو الناس إلى التوحيد { وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } أي أوحينا إليهم بذلك : { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ } وهما إبنا إبراهيم عليهم السلام { وَيَعْقُوبَ } وهو إبن إسحق { وَالأَسْبَاطَ } وهم أولاد يعقوب عليه السلام ، كانوا اثني عشر سبطاً ، أوحينا إلى أنبيائهم بأن يثبتوا على التوحيد ، ويدعوا الناس إلى ذلك ، { و } أوحينا إلى { عِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ، وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } قرأ حمزة : ( زبورا ) بضم الزاي ، وقرأ الباقون بالنصب في جميع القرآن ومعناهما واحد وهو عبارة عن الكتاب . ثم قال : { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَـٰهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ } يعني قد سميناهم لك من قبل ، يعني بمكة { وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ } يعني : لم نسميهم لك وقد أرسلناك كما أرسلنا هؤلاء ، وروي عن كعب الأحبار أنه قال : كان الأنبياء ألفي ألف ومائتي ألف ، وقال مقاتل : كان الأنبياء ألف ألف ، وأربعمائة ألف ، وأربعة وعشرين ألفاً . وروي عن أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " بعث على أثر ثمانية آلاف من الأنبياء ، منهم أربعة آلاف من بني إسرائيل " قال الفقيه أبو الليث حدثنا الفقيه أبو جعفر ، قال : حدثنا أحمد بن محمد القاضي ، قال : حدثنا إبراهيم بن حشيش البصري عن شعبة ، عن أبي إسحق عن الحارث الأعور ، عن أبي ذر الغفاري قال : قلت يا نبي الله كم كانت الأنبياء ؟ وكم كان المرسلون فقال - صلى الله عليه وسلم - : " كانت الأنبياء مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ، وكان المرسلون ثلاثمائة وثلاثة عشر " ثم قال : { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً } . قال بعضهم : معناه أنه قد أوحى إليه وإنما سماه كلاماً على وجه المجاز كما قال في آية أُخرى : { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ } [ الروم : 35 ] أي يستدلون بذلك ، والعرب تقول : قال الحائط كذا ، وقال عامة المفسرين ، وأهل العلم أن هذا كلام حقيقة ، لا كلام مجاز لأنه قد أكده بالمصدر حيث قال : { وَكَلَّمَ ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيماً } ، والمجاز لا يؤكد لأنه لا يقال : قال الحائط قولاً ، فلما أكده بالمصدر نفى عنه المجاز وقال في موضع آخر : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ : كُنْ ، فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] وقد أكده بالتكرار ، ونفى عنه المجاز . وقال في موضع آخر : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } [ الشورى : 51 ] يعني الأنبياء الذين لم يكونوا مرسلين ، فأراهم في المنام ، أو من وراء حجاب بكلام مثل ما كلم الله موسى ، أو يرسل رسولاً ، وهو رسالة جبريل إلى المسلمين .