Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 165-169)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال تعالى : { رُّسُلاً مُّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ } أي أرسلنا رسلاً مبشرين بالجنة ومنذرين بالنار { لِئَلاَّ يَكُونَ } يقول لكيلا يكون { لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ } يعني بعد إرسال الرسل ، كي لا يقولوا يوم القيامة إنك لم ترسل إلينا رسولاً ، ولو أن الله تعالى لم يرسل رسولاً ، كان ذلك عدلاً منه ، إذ أعطى كل واحد من خلقه من العقل ما يعرفه ، ولكن أرسل تفضلاً منه ، ولكي يكون زيادة في الحجة عليهم ، ثم قال تعالى : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } { عَزِيزاً } بالنقمة لمن يجحده { حَكِيماً } حكم إرسال الرسل والأنبياء - عليهم السلام - . قوله تعالى : { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ } . قال ابن عباس ، وذلك أن رؤساء مكة أتوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : سألنا اليهود عن صفتك ونعتك ، فزعموا أنهم لا يعرفونك في كتابهم ، فأتِنا بمن يشهد لك بأنك نبي مبعوث ، فنزل : { لَّـٰكِنِ ٱللَّهُ يَشْهَدُ } يعني إن لم يشهد لك أحد منهم فالله تعالى أعظم شهادة من خلقه ، هو يشهد لك بأنك نبي ويظهر نبوتك . قال القتبي : هذا من الاختصار ، لأنه لما نزل : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ } [ النساء : 163 ] قال المشركون : لا نشهد لك بهذا ، فمن يشهد لك ؟ فنزلت هذه الآية ، حكاية قولهم ، فقال تعالى : لكن الله يشهد { بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ } لأن كلمة : لكن ، إنما تجيء بعد نفي شيء ، فوجب ذلك الشيء بها . ثم قال تعالى : { أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ } أي بأمره ، ويقال : أنزل القرآن الذي فيه علمه ، ثم قال تعالى : { وَٱلْمَلاَئِكَةُ يَشْهَدُونَ } أيضاً على شهادتك بالذي شهدت أنه الحق { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } فلا أحد أفضل من الله تعالى شهادة بأنه أنزل [ عليك القرآن ] . قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني صرفوا الناس عن دين الله { قَدْ ضَلُّواْ ضَلَـٰلاَ بَعِيداً } عن الحق . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ } أي جحدوا وأشركوا { لَّمْ يَكُنْ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } أي ما داموا على كفرهم { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } يعني لا يوفقهم لطريق الإسلام . { إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } يعني يتركهم ، ويخذلهم في طريق الكفر عقوبة لكفرهم ، ولجحودهم ، وهو طريق جهنم ، ويقال : إلا العمل الذي يجبرهم إلى جهنم ، وقال الضحاك : لا يهديهم طريقاً يوم القيامة ، أي لا يرفع لهم إلا طريق جهنم ، وذلك أن أهل الإيمان يرفع لهم في الموقف طريق تأخذ بهم إلى الجنة ، ويرفع لأهل الكفر طريق ينتهي بهم إلى النار . ثم قال تعالى : { خَـٰلِدِينَ فِيهَا أَبَداً } أي دائمين فيها { وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } أي خلودهم ، وعذابهم في النار هين على الله تعالى .