Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 170-171)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } ، قال ابن عباس : يعني أهل مكة . { قَدْ جَاءكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقّ مِن رَّبّكُمْ } أي بشهادة أن لا إله إِلا الله ، ويقال : ببيان الحق ، ويقال : للحق ، يعني للعرض والحجة وقوله تعالى : { قَدْ جَاءَكُمُ } على وجه المجاز ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان فيهم ، ولكن معناه ، أنه قد ظهر فيكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما قال في آية أُخرى : { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ } [ التوبة : 128 ] أي ظهر فيكم ثم قال { فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ } أي صدقوا بوحدانية الله تعالى والقرآن الذي جاءكم به محمد - صلى الله عليه وسلم - خيراً لكم من عبادة الأوثان ، لأن عبادة الأوثان لا تغنيكم شيئاً ، ثم قال تعالى : { وَإِن تَكْفُرُواْ } أي إن تجحدوا بالله وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الله غنياً عنكم { فَإِنَّ لِلَّهَ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وٱلأَرْضِ } كلهم عبيده وإماؤه . { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً } بخلقه { حَكِيماً } في أمره . ثم قال تعالى : { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ } . قال الضحاك : أي لا تكذبوا في دينكم ، وقال بعض أهل اللغة الغلو ، مجاوزة القدر في الظلم ، ويقال : الغلو أن تجاوز ما حد لك ، وقال القتبي : يعني لا تفرطوا في دينكم ، فإن دين الله بين المقصر والغالي ، وغلا في القول إذا تجاوز المقدار ، وقال ابن عباس : وذلك أن اليعقوبية ، وهم صنف من النصارى قالوا : عيسى هو الله ، وقالت النسطورية : هو ابن الله ، وقالت المرقوسية ويقال لهم الملكانية : هو ثالث ثلاثة ، فنزل { يَا أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ } ، قال مقاتل : الغلو في الدين أن يقول على الله غير الحق ، ويقال : لا تتعمقوا في دينكم . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلْحَقَّ } يعني لا تصنعوا بالله بما لا يليق بصفاته ، فإن الله تعالى واحد لا شريك له ، ولا ولد له . ثم قال تعالى : { إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَـٰهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ } وهو قوله : { كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] ثم قال : { وَرُوحٌ مِّنْهُ } قال ابن عباس في رواية الكلبي : يعني أمر منه ، فأتاها جبريل فنفخ في جيب درعها ، فدخلت تلك النفخة بطنها ، ثم وصل إلى عيسى ابن مريم فتحرك في بطنها ، وأمه أمة الله تعالى { فَآمِنُواْ بِٱللهِ وَرُسُلِهِ } يعني صدقوا بوحدانية الله تعالى ، وبما جاءكم به الرسل من الله تعالى ، { وَلاَ تَقُولُواْ ثَلَـٰثَةٌ } يعني لا تقولوا أن الله ثالث ثلاثة { ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ } يقول : توبوا إلى الله تعالى من مقالتكم ، فالتوبة خيرٌ لكم من الإصرار على الكفر { إِنَّمَا ٱللَّهُ إِلَـٰهٌ وٰحِدٌ } ثم نزه نفسه عما قال الكفار فقال : { سُبْحَـٰنَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ } ثم قال تعالى : { لَّهُ مَا فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } من الخلق { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } يعني كفيلاً ، ويقال : شاهداً ، ولا شاهد أفضل منه .