Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 19-21)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهاً } قال ابن عباس : كانوا في الجاهلية ، وفي أول الإسلام ، إذا مات الرجل وله امرأة ، وله ولد من غيرها ، أو له وارث غير الابن ، فألقى ثوبه عليها وورث نكاحها بالصداق الأول ، ويقول : أنا ولي زوجك فورثتك فإن كانت جميلة أمسكها ، وإن لم تكن جميلة طول عليها ، لتفتدي منه فنزلت هذه الآية . وقال في رواية الضحاك : كان الرجل عنده عجوز ، ونفسه تتوق إلى الشابة ، فيكره فراق العجوز لمالها فيمسكها ولا يقربها حتى تفتدي منه بمالها أو تموت فيرث مالها ، فنزلت هذه الآية ، وأمر الزوج بأن يطلقها إن كره صحبتها ، فلا يمسكها كرهاً ، فذلك قوله تعالى : { لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنّسَاء كَرْهاً } . قرأ عاصم وابن كثير ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، ونافع : ( كرهاً ) بنصب الكاف ، وقرأ حمزة والكسائي : ( كرها ) [ بالضم ] . قال القتبي : ( الكره ) بالنصب بمعنى الإكراه ، ( والكره ) بالرفع المشقة ، ويقال : ليفعل ذلك طوعاً أو كرهاً ، يعني طائعاً أو مكرهاً . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } أي لا تمنعوهن من الأزواج { لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ } من المهر وغيره { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ } وهي المعصية في النشوز على زوجها ، فيحل له ما أخذ منها . ويقال : إلا أن تزني فيحل له أن يفتدي منها ، يعني إذا كانت بطيبة نفسها . قرأ ابن كثير ، وعاصم في رواية أبي بكر ( بفاحشة مبينة ) بنصب الياء ، وقرأ الباقون ( مبينة ) بكسر الياء ، فمن قرأ بالكسر يعني ، الفعل الفاحشة ، يعني فاحشة ظاهرة تبين منها نفسها ، ومن قرأ بالنصب ، يكون بمعنى المفعول . قال مقاتل : نزلت هذه الآية في محصن بن أبي قيس وامرأته هند بنت المغيرة وفي جماعة . وقال الكلبي : نزلت في حصن بن أبي قيس وامرأته كبشة بنت معن . ثم قال تعالى : { وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي : صاحبوهن بالجميل { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ } أي كرهتم صحبتهن { فَعَسَى } يقول : فلعل { أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا } من صحبتكم إياهن { وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } يعني في صحبتهن ، يرزق لكم ولداً صالحاً وهذا كقوله عز وجل { وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } ويقال { وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً } لعله إن أمسكها ، فيعطفه الله عليها من بعد ذلك ، وأما أن يخلي سبيلها فيزوجها الله زوجاً غيره فيرزقها الله منه الولد . ثم قال : { وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ } يعني تغيير زوج { مَّكَانَ زَوْجٍ } يعني إذا أراد الرجل أن يطلق زوجته ، ولم يكن منها نشوز ، وأراد أن يتزوج غيرها { وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً } من الذهب في المهر . قال مجاهد : القنطار سبعون ألف دينار . وقال عطاء : سبعة آلاف دينار . وقال الحسن : ألف دينار أو إثني عشرة ألف درهم . وقال قتادة : كان يقال : القنطار مائة رطل من الذهب ، أو ثمانون ألفاً من ورق . وروي عن عبد الوهاب بن عطاء عن الكلبي قال : كل ما لم أسنده لكم فهو كله عن أبي صالح عن ابن عباس قال : القنطار ألف مثقال مما كان من ذهب أو فضة ثم قال تعالى : { فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً } أي : فلا تستحلوا أن تأخذوا مما أعطيتم شيئاً ، إذا لم يكن النشوز من قبلها . ثم قال : { أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَـٰناً } يقول : أتستحلون أخذه ظلماً { وَإِثْماً مُّبِيناً } أي ذنباً ظاهراً . ثم قال تعالى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ } يقول : كيف تستحلون أخذه يعني أخذ مهورهن { وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ } يقول : قد اجتمعا في لحاف واحد . قال الفراء : الإفضاء ، أن يخلو الرجل والمرأة ، إن لم يجامعها أو جامعها ، وقد وجب المهر . وقال الكلبي : الإفضاء : إذا كان معها في لحاف واحد جامعها أو لم يجامعها ، فقد وجب المهر . وروى [ عوف ] الأعرابي عن زرارة بن أبي أوفى قال : قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً وأرخى ستراً فقد وجب المهر والعدة . وقال مقاتل : الإفضاء : الجماع ، وبهذا القول قال بعض الناس ، وأما علماؤنا رحمهم الله - قالوا : إذا خلا بها خلوة صحيحة يجب كمال المهر والعدة ، دخل بها أو لم يدخل بها . ثم قال : { وَأَخَذْنَ مِنكُم مّيثَـٰقاً غَلِيظاً } يقول : أوجبن عليكم عقداً وثيقاً بالنكاح ، وهو قوله تعالى { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَـٰنٍ } [ البقرة : 229 ] فصار ذلك على الرجال ميثاقاً غليظاً من النساء . ثم بين ما يحل للرجال من النساء وما لا يحل .