Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 15-18)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱللَـٰتِي يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ } يعني الزنا ، وهي المرأة الثيب إذا زنت { فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ } أي اطلبوا عليهن { أَرْبَعَةِ } من الشهود { مّنكُمْ } أي من أحراركم المسلمين ، عدولاً { فَإِن شَهِدُواْ } عليهن بالزنا { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ } يعني احبسوهن في السجن { حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ } أي حتى يمتن في السجن { أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } يعني مخرجاً من الحبس ، ثم نسخ فصار حدهن الرجم ، لما روي عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " خذوا عني خذوا عني ، قد جعل الله لهن سبيلاً ، البكر بالبكر ، جلد مائة ، وتغريب عام ، والثيب بالثيب ، جلد مائة والرجم بالحجارة " ثم ذكر في الآية حد البكر فقال : { وَٱللَّذَانَ } لم يحصنا { يَأْتِيَـٰنِهَا } يعني الفاحشة { مّنكُمْ } يعني من الأحرار المسلمين { فَـآذُوهُمَا } باللسان يعني بالتعيير ، بما فعلا ، ليندما على ما فعلا ، { فَإِن تَابَا } من بعد الزنا { وَأَصْلَحَا } العمل { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا } أي فلا تسمعوهما الأذى بعد التوبة { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً } أي متجاوزاً { رَّحِيماً } بهما . ثم نسخ الحبس والأذى بالرجم والجلد ، وإنما كان التعيير في ذلك الزمان لأن التعيير حل محل الجلد ، وأما اليوم فلا ينفعهم التعيير ، وروي عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد قال : واللاتي يأتين الفاحشة ( من نسائكم ) واللذان يأتيانهما منكم ، كان ذلك في أول الأمر ، ثم نسخ بالآية التي في سورة النور . قرأ ابن كثير : ( واللذان ) بتشديد النون ، لأن الأصل ( اللذيان ) فحذف الياء وأقيم التشديد مقامه ، وقرأ الباقون : بالتخفيف ثم قال تعالى : { إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ } يعني قبول التوبة على الله ، ويقال : توفيقه على الله . ويقال : إنما التجاوز من الله { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوء بِجَهَـٰلَةٍ } قال ابن عباس - رضي الله عنه - كل مؤمن يذنب فهو جاهل في فعله . ويقال إنما الجهالة إنهم يختارون اللذة الفانية على اللذة الباقية ، وذلك الجهل لا يسقط عنهم العذاب ، إلا أن يتوبوا ، قوله : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } قال ابن عباس : كل من تاب قبل موته فهو قريب . { فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } أي يقبل توبتهم { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } يعني عليماً ] بأهل التوبة ، حكيماً حكم بالتوبة ، وقال مقاتل : نزلت الآية في رجل من قريش سكر ، وذكر شعراً ذكر فيه اللات والعزى ، وأنكر البعث ، فلما أصبح أخبر بذلك ، فندم على ذلك واسترجع ، فنزلت الآية { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } ، يعني قبل الموت . قال : حدثنا محمد بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا إبراهيم بن يوسف ، قال : حدثنا أبو حفص ، عن صالح المري ، عن الحسن قال : من عير أخاه بذنب قد تاب إلى الله [ منه ] ابتلاه الله به . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر " وقال الحسن : إن إبليس لما أهبط من الجنة قال : بعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام الروح في جسده ، قال الله تعالى : فبعزتي فبعزتي لا أحجب التوبة عن ابن آدم ما لم يغرغر بنفسه . قال أبو العالية الرياحي : نزلت أول الآية في المؤمنين والوسطى في المنافقين ، والأخرى في الكافرين ، فأما توبة المؤمنين فذكرها قد مضى ، وأما ذكر توبة المنافقين فقوله تعالى : { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيّئَـٰتِ } الآية ، يعني ليس قبول التوبة للذين أصروا على فعلهم { حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ } أي الشرق والنزع وعاينه ملك الموت ، { قَالَ : إِنّي تُبْتُ ٱلآنَ } فليس لهذا توبة ، ثم ذكر توبة الكفار { وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } أي وجيعاً دائماً .