Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 69-73)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } قال في رواية الكلبي : " نزلت الآية في شأن ثوبان ، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان شديد الحب له ، وكان قليل الصبر عنه ، حتى تغير لونه ، ونحل جسمه فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما غير لونك ؟ فقال : ما بي من مرض ، ولكني إذا لم أرك استوحشت وحشة عظيمة ، حتى ألقاك ، وأذكر الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك " ، فنزل قوله تعالى : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ٱلنَّبِيّينَ } في الجنة . وقال في رواية الضحاك : وذلك أن نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : يا نبي الله ، وإن صرنا إلى الجنة ، فإنك تفضلنا في الدرجات ، كما أنك تفضلنا بدرجات النبوة ، فلا نراك . فنزل : { فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم … } الآية . حدثنا الخليل بن أحمد ، قال : حدثنا أبو العباس ، قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا جهضم ، عن عطاء بن السائب ، عن الشعبي : أن رجلاً من الأنصار ، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله : لأنت أحب إِليَّ من نفسي وولدي وأهلي ، فلولا أني آتيك فأراك لا ريب أي لا شك أني سوف أموت ، قال : وبكى الأنصاري ، فقال : ما أبكاك : قال : ذكرت أنك تموت ، ونموت ، وترفع مع النبيين ، ونكون نحن وإن دخلنا الجنة دونك ، فلم يجبه بشيء فأنزل الله تعالى : { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } { مِّنَ ٱلنَّبِيّينَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَاءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَ } أي من المسلمين ، ثم قال : { وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقاً } في الجنة ، أي رفقاء ، كقوله تعالى : { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } [ غافر : 67 ] . أي أطفالاً ، وكقوله : { كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْعَدُوُّ } [ المنافقون : 4 ] أي الأعداء . { ذٰلِكَ ٱلْفَضْلُ مِنَ ٱللَّهِ } أي المن والعطية من فضل الله { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ عَلِيماً } بالثواب في الآخرة . قوله تعالى : { يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ } أي عدتكم من السلاح { فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ } يعني عصباً سرايا { أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً } مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بأجمعكم . وقال الزجاج : الثبات : الجماعة المتفرقة ، فتأويله أنفروا جماعات متفرقة ، وانفروا مجتمعاً بعضكم إلى بعض . وقوله عز وجل : { وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطّئَنَّ } فاللام الأولى زيادة للتأكيد ، واللام الثانية للقسم ، أي وإن منكم من يتثاقل ويتخلف عن الجهاد ، يعني المنافقين ، فهذا الخطاب للمؤمنين ، فكأنه يقول : إن فيكم منافقين يتثاقلون ، ويتخلفون عن الجهاد ، { فَإِنْ أَصَـٰبَتْكُمْ } معشر المسلمين { مُّصِيبَةٍ } يعني نكبة وشدة وهزيمة من العدو . { قَالَ } ذلك المنافق الذي فيكم وتخلف عن الجهاد { قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ } بالجلوس { إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً } أي حاضراً في تلك الغزوة . قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَصَـٰبَكُمْ فَضْلٌ مِنَ الله } يعني الفتح والغنيمة ، { لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ } أي معرفة ووداً في الدين ، { يٰلَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ } في تلك الغزوة { فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً } فأصيب غنائم كثيرة . وقال مقاتل : في الآية تقديم وتأخير ، ومعناه : فإن أصابتكم مصيبة ، قال : قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيداً ، كأن لم يكن بينكم وبينه مودة في الدين ولا ولاية . قرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص ( كأن لم يكن ) بالتاء لأن المودة مؤنثة ، وقرأ الباقون بالياء لأن تأنيثه ليس بحقيقي . ثم أمر المنافقين بأن يقاتلوا لوجه الله تعالى .