Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 74-76)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فقال عز وجل : { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } يعني فليقاتل الذين معكم في طاعة الله { ٱلَّذِينَ يَشْرُونَ ٱلْحَيَـٰوةَ ٱلدُّنْيَا } أي يختارون الدنيا على الآخرة . ويقال : هذا الخطاب للمؤمنين فكأنه يقول : فليقاتل في سبيل الله الكفار الذين يشرون الحياة الدنيا { بِٱلآخِرَةِ } . ثم قال تعالى : { وَمَن يُقَـٰتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي في طاعة الله { فَيُقْتَلْ } يقول فيستشهد { أَو يَغْلِبْ } أي يقتل العدو ويهزمهم { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } أي ثواباً عظيماً في الجنة ، فجعل ثوابهما واحداً ، يعني إذ غلب أو غلب ، يستوجب الثواب في الوجهين جميعاً ، وقال الضحاك : في قوله : { وَمَن يُقَـٰتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } قال : ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة غفرت له ذنوبه ، ووجبت له الجنة . ( والفواق بالرفع ما بين الحلبتين ، والفواق : بالنصب ، الراحة ) . وذلك قوله : { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } ، أي ثواباً عظيماً في الجنة ، ثم حث المؤمنين على القتال فقال تعالى : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَـٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ } أي وعن المستضعفين { مِنَ ٱلرّجَالِ وَٱلنِّسَاء وَٱلْوِلْدٰنِ } ويقال : وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله ، وسبيل المستضعفين . ويقال : { وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَـٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } وفي خلاص المستضعفين ، وقال الضحاك : وذلك أن كفار قريش أسروا سبعة نفر من المسلمين وكانوا يعذبونهم ، فأمر الله تعالى بقتال الكفار ليستنقذوا الأسرى من أيديهم { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } يعني المستضعفين بمكة يدعون الله تعالى ويقولون { رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلظَّـٰلِمِ أَهْلُهَا } بالشرك { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً } أي ، من عندك حافظاً يحفظنا { وَٱجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيراً } أي مانعاً يمنعنا منهم ، قال الكلبي : لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ، جعل الله لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ولياً ، وعتاب بن أسيد ، نصيراً ، وكان عتاب بن أسيد ، ينصف الضعيف من الشديد ، فنصرهم الله به ، وأعانهم ، وكانوا أعز من بمكة من الظلمة قبل ذلك . ( فصار المسلمون الضعفاء أعزاء ، كما كان الكفار قبل ذلك ) . ثم مدح الله المؤمنين بقتالهم لوجه الله تعالى ، فقال تعالى : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقَـٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي في طاعة الله ، وإعزاز الدين وذم المنافقين ، وبين أن قتالهم للشيطان ، فقال تعالى : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَـٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّـٰغُوتِ } أي في طاعة الشيطان ، ثم حرض المؤمنين على القتال ، فقال { فَقَـٰتِلُواْ أَوْلِيَاءَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } أي جند الشيطان ، وهم المشركون { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَـٰنِ } أي مكر الشيطان { كَانَ ضَعِيفاً } أي واهياً . ويقال : أراد به يوم بدر ، حيث قال لهم الشيطان ، أي الكفار لا غالب لكم اليوم من الناس ، وإني جار لكم ، فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه . ويقال : { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَـٰنِ كَانَ ضَعِيفاً } أي مكره ضعيف لا يدوم وهذا كما يقال : للحق دولة وللباطل جولة [ أي ما له ري ] .