Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 77-78)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال عز وجل : { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ } يعني ألم تخبر عنهم ، ويقال : إن معناه ، ألا ترى إلى هؤلاء ، وذلك أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين كانوا بمكة ، استأذنوا في قتل كفار مكة سراً ، لما كانوا يلقون منهم من الأذى ، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : مهلاً كفوا أيديكم عن قتالهم { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } فإني لم أؤمر بقتالهم ، فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة أمره الله تعالى بالقتال ، فكره بعضهم ، فنزلت هذه الآية { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ } عن القتل ، { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } ، أي أتموها { وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } يعني أقروا بها وأعطوها إذا وجبت عليكم ، { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ } أي فرض عليهم القتال بالمدينة { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ } أي يخشون عذاب الكفار { كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ } أي كخشيتهم من عذاب الله { أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } أي بل أشد خشية ، ويقال : معناه ، أو أشد خشية يعني أكثر خوفاً { وَقَالُواْ : رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ } أي لم فرضت علينا القتال ، { لَوْلا أَخَّرْتَنَا } أي يقولوا هلا أجلتنا { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } ، وهو الموت . فبين الله تعالى لهم : أن الدنيا فانية فقال { قُلْ مَتَـٰعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ } أي : منفعة الدنيا قليلة ، لأنها لا تدوم ، وقال - عليه الصلاة والسلام - " مثلي ومثل الدنيا ، كراكب قال في ظل شجرة ، ثم راح وتركها " ثم قال تعالى : { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لّمَنِ ٱتَّقَىٰ } يقول : ثواب الآخرة أفضل لمن اتقى الشرك والمعاصي { وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً } وقد ذكرناه . قرأ نافع وعاصم ، وأبو عمرو ، وابن عامر : ( ولا تظلمون ) بالتاء على معنى المخاطبة ، وقرأ الباقون : بالياء على معنى الخبر ، يعني المتقين . قوله تعالى : { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ } أي في الأرض يأتيكم الموت { وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ } ، أي في القصور الطوال المشيدة ، المبنية إلى السماء ، حتى لا يخلص إليه [ أحد من بني آدم ] . وقال القتبي ( البروج ) الحصون ، و ( المشيدة ) : المطولة . وذلك أنهم لما تثاقلوا عن الخروج إلى الجهاد مخافة الموت ، فأخبرهم الله تعالى : إنهم لا يموتون قبل الأجل ، إذا جاء أجلهم لا ينجون من الموت وإن كانوا في موضع حصين ، وهذا قوله تعالى : { فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } [ آل عمران : 168 ] . ثم أخبر عن المنافقين فقال : { وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ } أي الفتح والغنيمة ، والخصب ، يقولوا : { هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ، وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } أي نكبة وهزيمة ، { يَقُولُواْ : هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ } أي من شؤمك ، يعني أصابتنا بسببك ، أنت الذي حملتنا على هذا { قُلْ : كُلٌّ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } يقال : الرخاء والشدة ، ويقال : القدر خيره وشره من الله تعالى . ثم قال تعالى : { فَمَا لِهَـؤُلاء ٱلْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ } يعني المنافقين لا يكادون يفقهون { حَدِيثاً } أي لا يفهمون قولاً أن الشدة والرخاء من الله تعالى أي لا يسمعون ، ولا يفهمون ، ما يحدثهم ربهم في القرآن .