Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 85-87)
Tafsir: Baḥr al-ʿulūm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مّنْهَا } . قال الضحاك : يعني من سن سنة حسنة في الإسلام فله أجرها ، وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء . { وَمَن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً سَيّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا } أي من سنّ في الإسلام سنة قبيحة محدثة ، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء . وقال الكلبي : { مَّن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً حَسَنَةً } يعني يصلح بين اثنين يكن له أجر منها { وَمَن يَشْفَعْ شَفَـٰعَةً سَيّئَةً } يمشي بالنميمة والغيبة ، { يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا } يعني إثم منها . وقال مجاهد : إنما هي شفاعة في الناس بعضهم لبعض ، يعني يشفع لأخيه [ المسلم ] في دفع المظلمة عنه . وروى سفيان ، عن عمرو بن دينار أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اشفعوا إلي تؤجروا ، فإن الرجل منكم يسألني الأمر فأمنعه كي ما تشفعوا فتؤجروا " وقال الحسن : الشفاعة تجري أجرها لصاحبها ما جرت منفعتها ، والكفل في اللغة النصيب ، كقوله تعالى : { يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } [ الحديد : 28 ] . ثم قال تعالى : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ مُّقِيتاً } والمقيت : المقتدر ، يقال : أقات على الشيء ، يعني اقتدر ، ويقال : المقيت : الشاهد على الشيء الحافظ له ، ويقال : مقيتاً ، يعني : بيده الرزق وعليه قوت كل دابة ، كقوله تعالى : { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَٰتَهَا } [ فصلت : 10 ] . قوله تعالى : { وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ } يعني إذا سلم عليكم { فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا } أي ردوا جوابها ، بأحسن منها { أَوْ رُدُّوهَا } أي مثلها ، فأمر الله تعالى المسلمين برد السلام ، بأن يردوا بأحسن منها ، وهو أن يقولوا : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أو يرد مثله ، فيقول : وعليكم السلام . وقال قتادة : فحيوا بأحسن منها للمسلمين ، أو ردوها لأهل الذمة . فيقول لهم : وعليكم . وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أن رجلاً دخل عليه ، وقال : السلام عليكم ، فقال له وعليكم السلام فلك عشر حسنات ، ودخل آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله ، فرد عليه فقال : لك عشرون حسنة . ودخل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فرد عليه ، فقال : لك ثلاثون حسنة " وروي عنه أنه نهى أن ينقص الرجل من سلامه ، أو من رده ، وهو أن يقول : السلام عليك ، ولكن ليقل : السلام عليكم . ويقال : إنما ذلك للمؤمنين ، لأن المؤمن ، لا يكون وحده ولكن يكون معه الملائكة . وفي هذه الآية دليل : أن السلام سنة ، والرد واجب ، لأن الله تعالى أمر بالرد ، والأمر من الله تعالى واجب . ويقال { وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } يعني إذا أهدي إليكم بهدية ، فكافئوا بأفضل منها أو مثلها ، وهذا التأويل ذكر عن أبي حنيفة . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلّ شَيْءٍ حَسِيباً } أي مجازياً . قوله تعالى : { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } نزلت في شأن الذين شكوا في البعث ، فأقسم الله تعالى بنفسه { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } وهذه لام القسم ، وكل لام بعدها نون مشددة ، فهي لام القسم . وقوله : { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ } قال بعضهم : إلى صلة في الكلام ، معناه ليجمعنكم يوم القيامة . ويقال : ليجمعنكم في الموت ، وفي قبوركم إلى يوم القيامة ، ثم يبعثكم { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي لا شك فيه ، وهو البعث ، يعني لا شك فيه عند المؤمنين ، ويقال : يعني لا ينبغي أن يشك فيه ، ثم قال تعالى : { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } أي من أوفى من الله قولاً وعهداً . قرأ حمزة والكسائي : ( ومن أزدق ) بالزاي . وقرأ الباقون : ( أصدق ) وأصله الصاد ، إلا أنه لقرب مخرجيهما يجعل مكانه زاي .