Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 94-94)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فنزلت هذه الآية في شأنه ، إن جزاءه جهنم خالداً فيها وكل من يعمل مثل عمله ثم قال عز وجل { يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي يقول : إذا خرجتم ، وصرتم في الجهاد { فَتَبَيَّنُواْ } نزلت الآية " في شأن أسامة بن زيد ، لقي رجلاً يقال له : مرداس ، فقال له مرداس : لا إله إلا الله ، وسلم عليهم ، وقال : السلام عليكم ، إني مؤمن فقتله أسامة ولم يصدقه بأنه مسلم ، فأخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أقتلت رجلاً يقول : لا إله إلا الله ، فقال أسامة إنه قال بلسانه دون قلبه . فقال - صلى الله عليه وسلم - : هلا شققت عن قلبه ، فقال أسامة : استغفر لي ، فقال له : فكيف لك بلا إله إلا الله . ثلاث مرات ، ثم استغفر له الرابعة ، وأمره بأن يعتق رقبة " وروى شهر بن حوشب ، عن جندب بن سفيان ، عن رجل من بجيلة قال : " كنت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه بشير من السرية ، فأخبره بالفتح ، وقال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما نحن نطلب القوم ، وقد هزمهم الله تعالى ، فقصدت رجلاً بالسيف ، فلما أحس أن السيف واقع به ، فقال : إني مسلم ، فقتلته ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقتلت مسلماً ! فقال : يا رسول الله ؛ إنه قال متعوّذاً ، فقال - صلى الله عليه وسلم - أفلا شققت عن قلبه ! فقال يا رسول الله : استغفر لي ، فقال : لا استغفر لك " ، فمات الرجل فدفنوه ثم أصبح على وجه الأرض ، ثم دفنوه ، ثم أصبح على وجه الأرض ثلاث مرات فلما رأى ذلك قومه ، استحيوا وحزنوا ، فحملوه وألقوه في شعب من تلك الشعاب ، فنزلت هذه الآية : { يَـا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ } أي قفوا وانظروا من تقتلون . قرأ حمزة والكسائي ( فتثبتوا ) بالثاء ، وقرأ الباقون ( فتبينوا ) بالباء ، فمن قرأ بالثاء فهو من التثبت ، يقول : قفوا ، ولا تعجلوا في الأمر حتى يتبين لكم الكافر من المسلم ، ومن قرأ بالباء ، فهو من التبين ، ومعناهما قريب . ثم قال تعالى : { وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ ٱلسَّلَـٰمَ لَسْتَ مُؤْمِناً } قرأ أبو عمرو ، وعاصم ، وابن كثير ، والكسائي : ( السلام ) بالألف . وقرأ نافع ، وابن عامر ، وحمزة : ( السلم ) بغير ألف ، وأما من قرأ : ( السلام ) ، فلأن مرداساً قال لهم : السلام عليكم ، وأما من قرأ ( السلم ) ، فهو الدخول والانقياد ، والمتابعة ، يعني إن انقاد لكم ، وتابعكم فلا تقولوا له : لست مؤمناً ، وأسلم ، واستسلم بمعنى واحد ، أي دخل في الانقياد ، كما تقول : أشتى الرجل ، إذا دخل في الشتاء ، وأربع إذا دخل في الربيع . ثم قال : { تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } وذلك أن الرجل كانت معه غنيمة حين قتلوه ، وأخذوا ما كان معه من الغنيمة ، فعيرهم الله تعالى بطمعهم في المال ، ثم قال : { فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } أي عند الله ثواب كثير في الآخرة لمن اتقى ، ويقال : غنائم كثيرة في الدنيا ، فاطلبوا من حيث أذن لكم ، وأبيح لكم ، ثم قال تعالى : { كَذٰلِكَ كُنتُمْ مّن قَبْلُ } أي هكذا كنتم من قبل الهجرة بمنزلة مرداس تأمنون في قومكم بالتوحيد ، من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تخيفوا أحداً ، وكنتم تأمنون بمثله قبل هجرتكم { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بالهجرة ، ويقال : هكذا كنتم ، يعني كنتم تكتمون إيمانكم من قبل ، ويقال : أي كنتم كفاراً ، فمن الله عليكم بالإسلام ، ثم قال تعالى : { فَتَبَيَّنُواْ } أي قفوا ، وانظروا في أمركم لكي لا تقتلوا مؤمناً ، فصارت الآية عامة لجميع السرايا ، إذا دخلوا دار الحرب ، ينبغي أن يتبينوا لكي لا يقتلوا مؤمناً . ثم قال : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } أي عالماً بكم وبأعمالكم .