Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 93-93)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } روي عن سالم بن أبي الجعد قال : كنت عند عبد الله بن عباس بعدما كف بصره فجاءه رجل فناداه : ما تقول فيمن قتل مؤمناً متعمداً ، فقال : جزاؤه جهنم خالداً فيها . { وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ ، وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } . فقال : أرأيت : إن تاب وآمن ، وعمل صالحاً ، ثم اهتدى . قال : وأنى له الهدى سمعت نبيكم - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يأتي قاتل المؤمن متعمداً ، ويتعلق به المقتول عند عرش الرحمن ، فيقول : يا رب ، سل هذا فيم قتلني " ؟ فوالذي نفسي بيده في هذا أنزلت هذه الآية ، فما نسختها آية بعد نبيكم ، وما نزل بعده من برهان . وروي عن ابن عمر ، وأبي هريرة أنهما قالا : لا توبة له وقال غيرهم له التوبة ، لأن الله تعالى ذكر الشرك ، والقتل ، والزنا ، ثم قال : { إِلاَّ مَن تَابَ وَءَامَنَ … } [ الفرقان : 70 ] { … فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ } [ الفرقان : 70 ] ويقال : معناه ، فجزاؤه جهنم خالداً فيها ، أي داخلاً فيها لأنه لم يذكر فيها الأبد ، كما أن الرجل يقول : خلدت فلاناً في السجن ، أي أدخلته ويقال : فجزاؤه جهنم أي إن جازاه وروى أنس بن مالك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إذا وعد الله لعبده ثواباً ، فهو منجزه ، وإن أوعد له العقوبة ، فله المشيئة ، إن شاء عاقبه ، وإن شاء عفى عنه " ويقال : معناه ، من يقتل مؤمناً متعمداً ، يعني مستحلاً لقتله فجزاؤه جهنم خالداً فيها ، لأنه كفر باستحلاله . ويقال : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً } يعني يقتله متعمداً ، لأجل إيمانه ، كما روي في الأثر : أن بغض الأنصار كفر ، إن كان بغضهم لأجل نصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكذلك ها هنا إذا قتله لأجل إيمانه ، صار كافراً . ويقال : هو منسوخ بقوله تعالى : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ } [ النساء : 48 ] ويقال : معناه فجزاؤهم جهنم بقتله ، خالداً فيها بارتداده ، لأن الآية نزلت في شأن رجل قتل مؤمناً متعمداً ، ثم ارتد عن الإسلام ، وهو مقيس بن ضبابة ، وجد أخاه هشام بن ضبابة قتيلاً في بني النجار ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من بني فهر إلى بني النجار ، وأمره : بأن يقرئهم السلام ، ويأمرهم بأن يطلبوا قاتله ، فإن وجدوه قتلوه ، وإن لم يجدوه ، حلفوا خمسين يميناً وغرموا الدية ، فلما أتاهم مقيس بن ضبابة ، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبلغهم الرسالة ، فقالوا : سمعاً وطاعة لأمر الله ورسوله ، وقالوا : ما نعرف قاتله ، فحلفوا وغرموا الدية ، فلما رجع مقيس بن ضبابة قال في نفسه : إني بعت دم أخي بمائة من الإبل ، ودخلت فيه حمية الجاهلية ، وقال : أقتل هذا الفهري مكان أخي ، وتكون الدية فضلاً لي ، فقتله ، وتوجه إلى مكة وقال في ذلك شعراً :