Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 19-25)

Tafsir: Baḥr al-ʿulūm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قال عز وجل : { وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ ٱللَّهِ } يعني : يساق أعداء الله وهم الكفار والمنافقون { إِلَى ٱلنَّارِ } قرأ نافع ( وَيَوْمَ نَحْشر ) بالنون أعداء بالنصب على معنى الإضافة إلى نفسه ، وقرأ الباقون بالياء والضم ( يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ ) على معنى فعل ما لم يسم فاعله ، ويوم صار نصباً لإضمار فيه يعني : واذكر يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إلَى النَّارِ { فَهُم يُوزَعُونَ } يعني : يحبس أولهم ليلحق بهم آخرهم وَأَصله من وزعته أي كففته { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَاءُوهَا } يعني : إذا جاؤوها ما صلة في الكلام ، يعني جاءوا النار وعاينوها قيل لهم { أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ } [ الأنعام : 22 ] فقالوا عند ذلك ( وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ ) فيختم على أفواههم ، وتستنطق جوارحهم فتنطق بما كتمت الألسن ، فذلك قوله { شَهِدَ عَلَيْهِم سَمْعُهُم } يعني : آذانهم بما سمعت { وَأَبْصَـٰرُهُم } يعني : أعينهم بما نظرت ورأت { وَجُلُودُهُم } يعني : فروجهم { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } يعني : بجميع أعمالهم قوله تعالى : { وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ } يعني : لجوارحهم وقال القتبي : الجلود كناية عن الفروج { لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُواْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِى أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ } يعني : أنطق الدواب وغيرهم { وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } يعني : أنطقكم في الدنيا { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } في الآخرة ، يقول الله تعالى { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } يعني : ما كنتم تمتنعون ، ويقال : ما كنتم تحسبون وتستيقنون { أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَـٰرُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ ٱللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مّمَّا تَعْمَلُونَ } من الخير والشر { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ } يعني : ذلك الظن الذي أهلككم ، ويقال : ( أَرْدَاكُمْ ) يعني : أغواكم ، ويقال : أهلككم سوء الظن ، وروى الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " يقول الله تعالى » أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي « " وقال الحسن : إن المؤمن أحسن الظن بربه ، فأحسن العمل ، وإن المنافق أساء الظن بربه ، فأساء العمل { فَأَصْبَحْتُمْ مّنَ ٱلُخَـٰسِرِينَ } يعني : صرتم من المغبونين { فَإِن يَصْبِرُواْ } على النار { فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } أي : مأوى لهم ويقال هذا جواب لقولهم { ٱصْبِرُواْ عَلَىٰ ءالِهَتِكُمْ } يقول الله تعالى : { فَإِن يَصْبِرُواْ فَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } أي : يسترجعوا من الآخرة إلى الدنيا { فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } أي من المرجوعين إلى الدنيا ، ويقال : { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } يعني : وإن يطلبوا العذر { فَمَا هُم مّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } أي لا يسمع ولا يقبل منهم عذر قوله عز وجل : { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاء } قال القتبي يعني ألزمناهم قرناء من الشياطين ، وقال أهل اللغة : قيض يعني : سلط ، ويقال : قيض بمعنى قدر { فَزَيَّنُواْ لَهُم } يعني : زينوا لهم التكذيب بالحساب ، وقال الحسن { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ } أي خلينا بينهم وبين الشياطين بما استحقوا من الخذلان فَزَيَّنُوا لَهُمْ { مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ } قال الضحاك يعني : شككوهم في أمر الآخرة ( وَمَا خَلْفَهُم ) يعني : رغبوهم في الدنيا ، ويقال زينوا لهم ما بين أيديهم ، يعني ما كان عليه آباؤهم من أمر الجاهلية ، وما خلفهم يعني : تكذيبهم بالبعث { وَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } يعني : وجب عليهم العذاب { فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ } يعني : مع أمم قد خلت من قبل أهل مكة { مِّنَ ٱلْجِنّ وَٱلإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُواْ خَـٰسِرِينَ } بالعقوبة ، ويقال : إنَّهُمْ كَانوا خاسِرِين مثلهم .